قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

حينما نويت الزواج (من كتاب لوحة عمياء)

on الأحد، 22 مارس 2009






كنت خائف من نتيجة التحليل ....... لا أعرف لماذا ؟؟

..... ولكنني أشعر بالخوف الشديد ....... فهذا ثالث عشرة مرة اقوم بإجراء فحص طبي قبل الزواج ...... ولك تكن النتيجة مطابقة ....

كانت أول مرة حينما تقدم لخطبة أبنة عمي ...... وكنت أدعو الله ليل نهار إلا يتم تطابقنا ........ كنت لا أريدها ........ لأنها كانت المدللة ومغرروة لجمالها الأخذ ..... لقد افسدتها امها بتدليلها ..... ولم تكن تعجبني اطلاقاً ......

بإضافة إلى أنها لا تجيد اعمال المنزل وشؤونه ....... ولكن رغبة والدي التي أجبرتني على الزواج منها ....... وتنازلاً عن رغبتي ..... وافقت ..... ورجوت الله أن تتعقد الأمور كي لا يتم خطبتنا ...... ففي المرة الاولى ادعيت بمرضي .......

وبالمرة الثانية سيارتي التي تأخرت والتي كانت في الشركة لعمل صيانة شاملة لها
......
وبالمرة الثالثة رحلتي بالطائرة التي تأخرت ..... تعمدت في تأخير الخطبة ..... وأن يحدث هذا خلاف بيني وبين والدي ولكن بالمرة الأخيرة أضطررت للذهاب معه ....... وذهبنا لخطبة أبنة عمي ... التي تقطن في احدى القرى التابعة لمحافظة الباحة ...... في منطقة عسير ..... وحينما تتم طوُلبت بإجراء الفحص الطبي ..... وبالفعل تم ذلك لي حتى تبين لي أجراء التحليل ان لا تطابق بيننا ........ وحمدت الله كثيراً ......

وفي المرة الثانية حينما تقدمت لخطبة أبنة خالتي ..... كنت مقتنعا بها نوعاً ما....... ربما لأنها الأفضل من أبنة عمي بكثير ....... فهي فتاة بسيطة هادئة ....... تحملت مسؤولية أخواتها الصغار في تربيتهم ....... كما أنها الأبنة الكبرى لخالتي وهي الذراع الأيمن التي تساعدها في كل شيء ....... فوافقت عليها ......

وتبين لي من إجراء التحليل أن لا تطابق بيننا ....... ذلك مما أزعج والدتي كثير ....... خصوصاً أن ليس هناك بنت في العائلة بسن الزواج غيرهما .......


عموما ً لم يكن ذلك همي الأكبر فواصلت دراستي الجامعية حتى تخرجت من قسم إدارة الأعمال ...... فتقدمت على وظيفة حتى حصلت على وظيفة إداري في شركة غذائية ...... عموماً لم أكن راضياً على هذا خصوصاً وأن علمت بان زميلي في العمل حاصل على شهادة الثانوية العامة وبعض شهادات ودورات تدريبية ليجد فرصة عمله تعادل شهادتي الجامعية التي أمضيت في دراستها أربع سنوات كاملة ....... وبنفس المسمى الوظيفي وراتبها ...... عملت بها منذ ما يقارب السنة تقريباً ....... حتى عثرت لي أمي على عروسة جميلة بيضاء ...... تقدر مسؤولية رعاية المنزل والأسرة ولكنها بدينه هذا بالإضافة إلى أنها لم تكتمل تعليمها وأكتفت بشهادة المتوسطة " الكفاءة " ياألهي الفرق كبير جداً ...... فأين أنا وأين هي .... أأتزوج أمراة باردة لا طموح بها ....... من المؤكد أنها فاشلة وإلا لما .... لم تكمل دراستها ....... على الأقل لتحصل على شهادة الثانوية العامة كمثل زوجة زميلي في العمل ........ فهما متقاربان جداً في المستوى التعليمي ....... لا ....... لا يمكن ....ولكن لم نعثر إلا هي !!


وبالفعل تمت الخطبة ..... سأشعر بالاحراج أن شاهدوني أصدقائي مصادفة أنا وهي في السوق ...... زوجتي بدينة ....... ياألهي ..... أنها لا تطابق مواصفات عروستي ...... وزوجة المستقبل ....... لا....... لا أريدها ...... وتم أجراء الفحص الطبي ........ ولم يتم التطابق.... آه .... حمدت الله كثير على هذا ...... فما كنت أريدها ...... وبعد ذلك أختارت لي أمي عروسة من خارج العائلة ........ ولكنها من عائلة كبيرة .....وثرية .......


" هند " البنت متعلمة وحاصلة على الشهادة الجامعية ، وهي تحضر الآن لدراسة الماجستير ...... ياألهي ....هنا العيب بي ... سأكون محط الأنظار .... موظف براتب متوسط بينما هي محاضرة في الجامعة ...... ياألهي ..... متفوقة عليّ تعليمياً وأجتماعياً وماديا ً....... لا ...... لن أبقى رحمة بين يديها كما انها ثرية ....... فمعنى هذا أن أبقى طوال عمري فقيراً ..... ستكبدني المشقة لمتطلباتها التي لن تنتهي ...... الأسواق والأسواق ..... وهي تترقى بتعليمها ومستواها المادي ...... بينما أظل كما أنا ....... لا ....... لايمكن ...... ولكن أصرار أمي لمعرفتها القديمة لخالة العروس أجبرني على التقدم لخطبتها ....... رجوت الله في نفسي أن تضع شروط كثيرة ومستحيلة كي أخرج من هذا المأزق بسلام .....ولكن بالعكس تماما ً..... لقد تفاجأت بهم .....فلا شروط ولا متطلبات ....... حتى مهر العروس لم يتجاوز العشرين ألف ريال فقط ...... ظننت أنني في بداية الأمر أمام مسرحية هزلية ........ ولكن تأكدت عندما أعادوا لي ما تم الأتفاق عليه ....... خلت أنني في حلم ايعقل هذا .....لا بد وأن هناك امور ستظهر بعد عقد القرآن ....... هذا واضح ......

ربما هم من الخبث الذي لا يظهر إلا عندما تتعايش بينهم ..... ولكن يبدو من سمحة وجه أبيها وطيبة قلبه غير هذا ........ فمن المؤكد أن الابنة ليست كأبيها ..... فأنا من سيعايشها ........ ربما هي متسلطة وقوية وتمتلك الجرأة لأضعافي ولكن ما العمل ؟؟........

انها رغبة أمي وحينما ذهبنا إلى المستشفى لأجراء الفحص الطبي ...... وجدتها متدينة تبدو عليها سمة الوقار والحشمة ....... رزينة حتى في حديثها مع الممرضات ....... لقد غيرتُ رأي بها ....... وتمنيتها حيئذ بقوة أن تتم الأمور على خير ...... ولكن بعد عدة أيام ظهرت نتائج التحاليل ..... ياألهي .... أنها رابعة مرة يحصل بي هذا ......ترى ما السبب ؟؟ ....... أألعيب بي ....... ام بهم ...؟؟ حينها ندمت عليها ... أن تضيع من يدي ...... ولكن لن أستطيع الزواج بها إلا بعد إجراء الفحص الطبي .... ويــــاللاسف !


لقد تكرر معي هذا الحدث في كل مرة أتقدم خاطبا لأحدى الأسر وبعد شهرين علمت بأن " هند " والتي قد تقدمت لها مسبقا قد تقدم لها خاطبا وسارت أمورها على خير ما يرام ....... حينها تركت في نفسي أثرا قويا ً....... فتقدمت لطلب دراسة الماجستير وبالفعل تم الموافقة لي ....... فشرعت بالدراسة بجد .......... حينها أتي أبي بأبنة صديقة القديم ....... لا بأس فهي فتاة بسيطة ورقيقة ومتعلمة ولكنها سمراء اللون وأنا أبيض كما انها قصيرة القامة بخلافي تماماً ...... وليست بذات الجمال المطلوب ...... وبما ان أبي قد أختارها لي فمعناه هذا أنه قد تحدث إلى والدها ........... وياحسرتي ...!!

من أين ..... إلى أين ؟؟ ...... الموقف محرج للغاية ورضيت قسرا ً........ وتمت الخطبة ولكن عند إجراء الفحص تبين لي العكس ذلك ...لا تطابق ... كم سررت يومها ... وكأنه حلم موحش قد غم على أنفاسي وأبتعد ....... حمدت الله كثيرأً ...... فلم تكن التي اطمح بالزواج منها ...... وفي المرة ما قبل الأخيرة ...... كنت قد تقدمت لخطبة أخت زوج أختي .... لا بأس بها .. لكنها كانت عصيبة لانها كانت تعاني من مرض السكر ..... والضغط ..... مع أنها نحيفة جداَ ...... وحينما أجرينا التحاليل لم يتم المطابقة ........ ياألهي ........ ماالذي يحدث ....... حينها لم تكف أمي عن قول ما تريد ...:


" أبني أصابه عين ...... أبني مسحور ....... أبني وأبني ......."


لم أكن اصدقها في باديء الأمر ....... ولكن بعد ما تكرر لي ما حدث بدأت أشك فعلا ً.... ياألهي ....... لقد قاربت على الأنهيار ..... أفعلاً ما تقوله أمي .....!!


أأظل هكذا طوال حياتي ....... بلا زواج ....... هل أنا مسحور ...وبدأت الشكوك تحوم حوالي ..... ترى من يكون الفاعل ..... وما السبب لربطي ؟؟

أهو الأنتقام .....؟ ...... أم حقد أم غيرة .....وما الذي فعلته أنا .....؟؟
ومرت الايام وحصلت على الشهادة العليا .....في تخصص الإدارة المالية ....... وأنتقلت إلى شركة حكومية كبرى ....... وعملت بها بوظيفة مرموقة جداً ....... حمسني ذلك في طلب الأبتعاث لدراسة الدكتوراة ....... وتمت الموافقة لي وفي يوم سفري ودعت الأهل والأصدقاء ، صورتهم لا تزال في ذهني حتى بعد وصولي ، صورة أخي الأصغر الذي قد تزوج وأنجب طفلاً ....... وأختي الصغرى والتي كانت عنقودة العائلة والمدللة من قبل امي وأبي قد أنخطبت وها هي تستعد ليوم زفافها قريبا ً...... وأختي اصبحوا ابناءها في المدرسة ..... ياألهي ..... كلما تذكرت هذا وأنا على مقعد الطائرة أتذكر قول أمي بانني مسحور ...... احقا ً؟؟


وبالفعل أنتقلت إلى أمريكيا ..... لمواصلة التعليم .... جلست أدرس ما يقارب ثلاث سنوات ...... بدأت بأتقان اللغة الأنجليزية جيداً حتى أستطيع مواصلة الدراسة .... كانت صعبة للغاية ..... ولكنها مضت سريعاً .... ما بين الغربة والوحدة والشعور بالبعد عن ممن هم حولك ..... شعرت بأنني أفتقدت أهلي وأسرتي ...... وأن كنت ازورهم ما بين الحين والأخر ..... مرت السنين حتى حصلت على الشهادة بعدما تجاوزت سن الثلاثين .... لم اجرب الحب أو اللهو مع بنات الجامعة هناك ولم أقم أي علاقة مع أحداهن ...... ما الذي يحصل لي ...... حتى أنني لم أتودد إلى أي واحدة منهن .......لأتزوجها ولم أعجب بأي منهن ....... ترى ما الذي يحصل .... ما الأمر ؟؟ أأظل هكذا عازباً طوال حياتي ؟......

وصلت إلى الرياض ..... قبل موعد وصولي إليهم بيومين ... أحبيت أن أفاجئهم !!


وفي مطار الملك خالد ، كانت هناك فتاة تبدو في حالة يرثى لها ..... لقد لفتت أنتباهي ...... كانت بسيطة جداً .. لا شيء يثير الأهتمام بها ....... ولكن تصرفاتها غريبة بالنسبة لي ....... كانت تقف بإنتظار سيارة الآجرة ...... لاحظت أن ليس لها حقائب عديدة ، كل ما لديها حقيبة واحدة فقط ...... كانت تنظر بين كل فترة وفترة إلى ساعتها ...... تبدو قلقة ومشغولة ..... أثارت أهتمامي فتقربت لها وجلست بالقرب منها وأخذت أنظر إليها خلسة بين كل حين وآخرى ....... مضت ساعة ونحن على هذا الحال ....... حتى لاح بوسط الظلام سيارة آجرة ....... فوقفت وأخذت تسحب حقيبتها وهي تتجه نحوه ..... فتقدمت أنا إلى السيارة أيضاً .... ولما توقفت السيارة ترددت قبل أن تصعد .... خصوصاً وأن فتحت الباب بجوار سائق السيارة وأنا أطلب منه أن يوصلني ....... كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءاً ..... فأخذت تنظر إلى بنظرة مليئة بالرجاء ....أن أسمح لها بالذهاب أولاً....... فقلت لها :

ـــ تفضلي يمكنك الذهاب .......!!

نظرت إليّ كأنما تقول لي وماذا عنك .....؟؟

فأشرت لها بالركوب ....... فصمتت وركبت معنا ..... ركبت أنا بجوار السائق بينما بقيت هي بالمقعد الخلفي ..... كانت تنظر إلى الناقذة التي بجوارها......
فسأل السائق ......:

ـــ أين تريدان أن تذهبان أيها الزوجان ........!!

علت حينها نظرات الدهشة من عينيها ومن وسط نقابها حتى قالت له وانفجرت بالغضب :

ـــ اوصلني أنا أولاً إلى المنزل ....
نظر إليّ السائق مندهشاَ حتى قلت له ....:

ــ لا عليك أوصلها هي أولاً.......و أنا سأذهب إلى منزلي ...!

حينها هز راسه دلالة على الرضا وسار بنا إلى منزلها ... كانت مقتضبة في حديثها " سرنا نحو المنعطف الأخر ....... تقدم بعد ثلاث أشارات ...... أبق تحت الجسر " الكوبري " ..... أنعطف يمينا .... انعطف بعد الأشارة يساراً ...... تبدو في عجلة من أمرها ..... بينما بقيت صامتاً لا أتحدث اطلاقا ..... بينما كان يختلس السائق نظراته إلىّ بتعجب ..... حتى وصلنا إلى منزلها ...... حملت حقيبتها ودفعت المبلغ ودخلت إلى منزلها سريعأ .... كان منزلاً قديماً بعض الشيء ..... ولكنه مرتب ومنظم ...... وأن علا الأغبرة عليه ....... ما أثار أنتباهي أنها لم تطرق الباب ...... أو حتى تضرب الجرس .....بل اخرجت من حقيبتها المفتاح لتدخل ... إذن لا أحد ينتظرها ....... فماذا كانت قلقة عند بوابة المطار.......

ولماذا كانت تنظر إلى ساعتها بكل لحظة ......

وما سر غضبها حينما قال لها السائق أننا زوجان ...... ياألهي ..... لقد أعتقد السائق هكذا خصوصا بعد ركوبنا سوياً ..... هذا فعلا غريب ..... وحديثها ........ المقتضب معه ......... وطلبها أن تذهب إلى المنزل اولاً .......

كل هذا يؤكد لي أنها ما زالت بنت ولم تتزوج بعد ........ وهذا منزلها ....... اعتقد أنها وحيدة لا عائل لديها ..... وبعدها أوصلني السائق إلى المنزل وحينما وصلت لم تغب عن فكري لحظة ن لقد أشغلت تفكيري كلياً ...... وصلت إلى منزلنا .....

علت أساير الفرح والزغاريد والتهاليل بوصولي إليهم ......ويالها من مفاجأة سعيدة وفرحة بلقائي بهم لا يوصف ...أحتضنت أبناء أختي وأخواتي وأمي وأبي ....... يالها من مشاعر صادقة ومؤلمة .....

دمعت عيناي وامتزجت فرحتي بالبكاء حينما ألتقيت بهم ...... وسعدت لوجود اشخاص جدد قد أنظموا وزوج إلى العائلة الكريمة ..... ابن أخي وزوج اختي الصغرى ، وفي اليوم التالي عدت إلى مقر عملي ....... وترقيت .. وحظيت بأعلى منصب فيه ....... كما أن عروض الشركات الآخرى قد أنهالت علي ..... بقيت مستشاراً لجهة .... والمدير التنفيذي لشركة ..... والمدير العام في مقر آخر ....... كما أنني بدأت ببناء مشروع خاص بي ......

بعد يومان استقليت بسيارتي إلى مقر بيتها ..... كانت الساعة تشير إلى الثانية عشراُ ظهراُ طرقت جرس الباب ....... لا أحد يجيب ..... عجيب بقيت للحظات حتى نزل أحد سكان البيوت المجاورة لها فسألته :

ـــ هل صاحب البيت موجوداً.......

ـــ لا يوجد فيه أحد سوى امرأة واحدة ...... وهي تأتي عند أيام الأجازات ......

ــ هل هذا المنزل ملكها ......

ـــ نعم ...... منذ ما يقارب السنتين ......

ـــ أتعلم أين تعمل هي .....

ـــ لا أن أختلاطها واحتكاكها بالناس قليل هنا ....

ـــ حسناً شكرا لك ...

وعدت إلى سيارتي انتظر قدومها ..... مضت ربع ساعة حتى عادت مع سيارة أجرة كانت تحمل معها مقاضي المنزل ...... لحظت أنه قليل كما أنه يكفي لاطعام شخص واحد فقط ..... عجيب أمرها ، تقدمت نحوها قائلاً:

ـــ مرحبا ....... عفوآ كنت أسال عن شـ ....

قاطعتني قائلة :

ـــ أأنت الشخص الذي سيصلح جهاز التكيف ..... !!

نظرت بتعجب ثم قالت بنوع من الأنضباط :

ــ أه ...... صحيح ... هل يمكنك أن تريني أين العطل فيه ؟؟

فتحت باب المنزل وهي تقول :

ــ تفضل ، لو سمحت ..... انه في الغرفة المقابلة لباب المدخل .... دخلت بينما كانت تحمل الأعراض إلى المطبخ اخذت انظر جهاز التكييف .... فأخذت بسؤالها :

ــ ما المشكلة فيه ......؟؟

ــ أنه لا يقوم بالتبريد جيداً ...... هواه حاراً جداً ......

قالت هذا وهي تصف الأطعمة المعلبة بوحدة التخزين ..... بدأت بالنظر حول الجهاز ....... كانت لدي خلفية عن الأعطال في الأجهزة الكهربائية ....... ولكن أعتقد الخلل هو التعبئة في جهاز الفريون ...... حينها تظاهر بدقة والانتهاء من المشكلة المستعصية لديها ....... فقلت لها بصوت مرتفع قليلاً:

ـــ حسناُ .... العطل هنا فالجهاز يحتاج لتعبئة فريون وسيعمل بإذن الله .... سيأتي الفني من شركتنا ليقوم بالتعبئة ......
قلت هذا وههمت بالخروج ..... حتى قالت :

ـــ وكم سيكلف هذا من الحساب .....؟؟

توقفت للحظات وأنا أتطلع عليها من خلف الحجاب ..... حتى أحترت وتلعثمت فقلت لها :

ـــ حينما يقوم بالتعبئة سيحدد لك التكلفة ؟

وخرجت على آثرها ...... ياللها من ذكية .....كنت سأكتشف أمري ... على كل حال ستكشف أمري لا حقاً ........ والآن بعد ما علمت عنها ، أنها معلمة تعمل في منطقة عرعر وتأتي إلى الرياض في أيام الأجازات ........ حيث مقر عملها ....... كما عملت بعد أن اكتشفت من رقم التسلسل لفاتورة الكهرباء أنها مالكة المنزل ، وهي يتيمة الأبوين منذ الصغر ........



عاشت وترعرعت في دار الايتام حتى أنهت دراستها الجامعية فأنفصلت عنهم بعد أن عثرت على بيت مستقل بها ....... عمرها لم يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً........ وعلمت فيما بعد أنها ستطلب النقل إلى منطقة الرياض .....

وبعد مضي عدة أشهر ، تم نقلها إلى منطقة الرياض بأحدى المدارس الحكومية القديمة .......... لقد شدني إلى الاهتمام بها ....... هو جراءتها ....... وشجاعتها في مواجهة دوامة الحياة ، كما علمت فيما بعد حينما سألت عنها " قالوا أنهم يسمعون أصوات بالليل في منزلها ....... كانت تفتح التلفاز دائماً لتترك آثراً في المنزل ....... كما أنها تركت مسجل بصوت رجل .... يطلب ماء ...... أو ثوبه .... وكأنها توهم الغير أن هناك رجلاً بالمنزل ....... وليست لوحدها .... وفعلها مع السائق في المطار دليلاً على ذكائها ...... في الليل وأنا رجل غريب وسائق و رضيت بالركوب معنا ....... فلو كانت لوحدها لأستغل السائق وحدتها كما أنها مع رجل غريب يوهم السائق أنه قريب لها .... وكما أنها طلبت الذهاب أولاً كي تخرج من المأزق الذي وقعت فيه ........

تحدثُ مع أختي لتتعرف عليها وبالفعل قاست النبض وأتت بالموافقة بي ........ لم أكن بحاجة إلى وصفها لي كانت طويلة ورشيقة وكما أنها متعلمة وموظفة في نفس الوقت ........ ومن عائلة كبيرة مرموقة ذائعة الصيت بشهرتها ........ وأن تكن حالتها المادية لا بأس بها ....... وحينما تقدمت لخطبتها ....... اسقطت الكأس من يدي كما أسقطت هي الكأس من يدها ........ هي نظرت إلي بتعجب وقالت :

ـــ أانت صاحب جهاز التكييف ..... أقصد المهندس أليس كذلك ؟ ...
لا غير معقول ...!!
بينما بقيت مندهشاُ حينما رأيتها ....... أي جمال هذا الذي تملكه ....... عيناها واسعتان ....... وحاجبهما حادتان ....... وكأنهما قد رسما بقلم أسود ...... وأنفها الدقيق ، وشفتاها الورديتان الضارب للحمرة وخديها النظرتان بحمرة طفيفة ووجها الوضاح ، النظر بالبياض وشعرها الأسود الناعم الطويل أسفل ظهرها ...... يعكس بريقه بلمعان ساحر ...... وذلك الجسد المتناسق من الصدر إلى الخصر بدقته إلى أنحناء للأسفل ......وجيدها وعنقها الملتف به العقد اللؤلؤي ...... ياألهي أنها تفوق الجمال ......... لا كاد أن أصدق ...... حينها لم أكتفي لحظة واحدة من ترديد اسمها ....... ياألهي ، صبرت حتى نلت أجمل من تقدمت لخطبتهن سابقاُ ، لقد حظيت هي بأجمل ما لديهن ..... ولم يحظين بما لديها .........

كم أنا محظوظ فعلاً ....... لهذا كنت قلقاً للغاية حينما طولبت بإجراء الفحص الطبي ....... ياألهي أنها ذكريات مؤلمة ...... أخشى أت تحل بي مصيبة ....... وأن لم يحصل التوافق بيننا هذا معناها أنني سأخسرها إلى الأبد ........ رجوت الله كثيراًُ حتى أنني نذرت له نذراً ....... ومضي اليومان كأنهما دهران كاملان ........ وكل يوم أزداد توتراً وقلقاً ......... حتى تفاجأت بنتيجة التحاليل أننا مطابقان لبعضينا ..... كدت أن أجن ...... أحقاً..... أبعد عدة محاولات تحدث .....؟؟

ربما هذا جزاء من ربي ....؟ أم أنها هي من نصيبي أنا؟؟ ....... أم أن ما كتب على الجبين يكون ؟؟


حينها شعرت بالسعادة الكبرى ........ لتحقيق هذه الأمنية التي طالما كنت أحلم بها ....... وكنت صادقاً من خالص أعماقي لتحقيقها ....... وهاأنا قد نلتها ..... فقد أعددت مناسبة كبيرة لخطوبتنا لم تشهد العائلة مناسبة بهذا الثراء والتكلفة والروعة مثلما فعلت أنا ........؟؟

ربما لأنها مناسبة خاصة بي أكثر من غيري دفعت من حسابي الخاص بها ........ ربما لأنها كانت من الروعة لأن تستحق كل هذا أن يحصل لها ؟؟........... ربما من فرصتي لها وفرحتي بأن تكون لي جعلني أتصرف بلا حساب . ....... وربما لأن هذا يليق بي كحامل شهادة الدكتورة التي لم يحصل أحد من أفراد عائلتي ...

أعتقد بأن كل هذا يستحق العناء والسخاء ..........!!

وحان موعد زفافي ......... ويالها من لحظات قد تكون أروع ما أحس به من داخل أعماقي بسرور طاغ ........ وفرح دائم ........ لقد أنتظرتها في كل لحظة .......... لتكون بقربي ......... ولتكن لي أنا فقط ............ انتظرتها لأعلن لجميع أنها لي ......... وهي زوجتي الهتي حظيت بكل روعتها وجمالها الساحر الفاتن ورقتها ونعومتها وحنانها وأنوثتها الطاغية ........ كل ما تمنيت ها هي أمامي فأنا فعلاً أستحقها ...... نظير أنتظاري كل هذه الفترة .......... وطوال تلك المدة التي شعرت بالوحدة .... وتقادم الزمن بي .......... مع أنني الأبن الأكبر لهذه العائلة وأصبحت آخر من يتزوج فيها ..... ولكنني صبرت كثيراً .......... ونلت آخيراً..........

فلقد رسمت من جمالها حلمي وتخيلت بعض من ملامحها في خيالي منذ أن بدأت يوماً أحلم بالزواج والارتباط ........ وها هي الآن بقربي .......

لن أخجل يوماً بزوجة لم تكن وفق طموحي ......... فهذه تشرفني لأن أفتخر بها ..... وأتشرف بأن أكون أنا زوجها .....ولتكن أم أبنائي وجدة ُ لأحفادي .......منها أريد الأبناء والأبناء ....... ولن أكتفي بأثني كسابق عهدي ....... أريد أبنائي مثلها ....... تماما...... بل نسخة منها .......
بعينيها وانفها ولونها اللولؤي وخديها الوردي .... أريدهم مثلها تماما ..
وحان موعد زواجي ....... بل ساعة قربي لها ..... ستضمنا منزل واحد ...... ستكون ملكي أنا وسأكون سيدها ........ وخادمها ..... وأميرها وخاتمها ........ ستكون ملكتي ....... وجاريتي ....... ستكون أميرتي وبلاط سلطتي ، منها بنيت أسطورة حب في داخلي ....... منها بنيتت قصر العشاق في خيالي .......

ودقت ساعة الأنتظار لتسير بجواري...... سنرتقي سلم الحياة معاً ....... ولن نفترق أبدأ ....... صعدنا نحو كوشة الملوك ........ والسلاطين لنأخذ أروع صورة ستبقى على مر الزمان ذكرى لنا وسط السنين .....

ولأول مرة أشعر بالفرح ......... لدرجة أنني سأطير من شدة فرحي حول العالم ...... وبعد أن سرنا نحو الحجرة التي يضمنا لأول مرة في حياتنا برابط مقدس مكلل بالحب والأخلاص ...... وبعد مضي عدة أيام من زواجنا هي أروع ما تكون لنا وفيت بنذري حيئذ وأعتمرت بالمسجد الحرام بمكة ....... ثم امضينا إلى المسجد النبوي الشريف ....... وبعدها بعدة أيام أنتقلنا إلى أروع بلاد العالم وأجملها بلاد السحر والجمال .......... بلاد الثلج والربيع ....... بلاد الأرض والسماء ....... والجبل والوديان .......... بلد سوسيرا....... التي أمضيت بها شهر العسل هناك ........ وفي كل سنة لذكرى لزواجنا .............


" ........... تمت .............."