تقدمت بخطوات ثابتة إلى مسرح الحفل ، كان عليها أن تلقي كلمة التخرج ، امتزجت بداخلها المشاعر ..
خصوصا وأنها أخذت نظرة سريعة حول أعين الحاضرات ...
شعرت بالرهبة الشديدة ، الممزوجة بالفرح .... وبصوت خالطه بشيء من القلق اخذت تفتحت كلماتها للحفل التخرج ...
وبينما هي تنثر كلمات الفرح وتعابير السعادة والأمل لذلك المستقبل الواعد ...
تذكرتها ...
رفعت عينها فجأة نحوهن ... مضت لحظة صمت ... تطلع الجميع إليها ....
هناك خلف الستار كانت أحدى المنظمات للحفل تشير بيدها وتلوح لها عبثاً ...
بقيت في لحظة صمت تبحث بعينيها عنها " لقد وعدتها بالحضور " منذ أن كانت صغيرة ... لم تكن لتحظى بحضورها قط في أحدى حفلات نجاحها ... ولكنها قبل ثلاثة أيام قد وعدتها بالحضور ..... حينها تقدمت أحدى المنظمات حاملة بعض الأوراق الفارغة لتضعها أسفل ورقة الكلمات الاستفتاحية أستكملت عنها .... بصدمة تطلعت نحوها .... ومشاعر حزن سكب على ماء وجهها تعابير الألم .........
تطلعت إليها وهي تردد بكلماتها :
" فإليك يا من حملتي الرسالة ... ووثقتي الأمانة ... أهديك نجاحي ... وأكافئك بفرحة تخرجي ... ها أنا ... أمامك ... بالأمس كنت طالبة ... واليوم أصبحت طبيبة ... فبعد هذا اليوم ... أكون طبيبة لقلبك الحاني ياأمي ... "
سبقتها العبرات حينما رددت بصمت " أمي .."
سحبت نفسها بهدوء وهي تخلع عباءة التخرج .... لتدخل بين صفوف الحاضرات ....
وهي تردد بصمت " وعدتني ... نعم وعدتني ... أنها هنـــا .... هنــا ....
" تفقدتها في أنحاء قاعة الحفل .... لم تجدها ... عادت إلى بوابة الاستقبال للحاضرات ...
وهي تردد " وعدتني بالحضور .. لم تخلف وعدها أبداً ......... هي دائماً دقيقة في مواعيدها .. فلما لم تأتي ...؟ "
سألت أحدى مسجلات الحفل أن كان الاسم دوُن لديها أم لا ؟
فلم تجد اسمها ... لم تصدقها فأخذت بنفسها في البحث عن قائمة الأسماء ..
كان هناك أمل في داخلها بإنها ستأتي ... بما أنها قد قطعت لها وعداً ...
أنتهت من بحث قائمة الأسماء .... ولم تجدها ..
قاطعتها أحدهن قائلة : الآن دورك ياهيــا ... هل انت مستعدة ؟؟
لم تستطع الإجابة على ذلك السؤال ......!!!
كان أمامها حشد من مختلف المستويات ..... يترقبن مسرحية الطبية الجديدة ........
بينما كان ينتظرها خلف الكواليس المسرح ممن شاركن بتمثيل المسرحية ... وجاء دورها ...
وأخذت بالعمل مثلما أعُد لها من قبل ...... ووصلت إلى أخر فصل للمسرحية .. بدأت تقف بثبات .... بعد أن أحلت عليها السكينة......... أدت دورها بكل ثقة وثبات و بدون شعور بالرهبة ..... لم تشعر إلا وهي تسمع تصفيق وتعابير أعجاب الحاضرات من حولها .......
كان عليها أن تجيب على السؤال الأن .. أين هي ؟
أنسحبت نحو القاعة الأخرى ......
حاولت الإتصال بمكتبها ... بالهاتف النقال .. لم تجيب .....
بدأ القلق يتملكها .. أخذت تتفقدها من بين الحاضرات .......
لمحت عمتها تتقدم إليها من بعيد ..... بخطى مترددة .. خائفة .... سحبتها نحو بوابة الدخول صرخت بها قبل أن تلقي عليه السلام : أين هي ؟؟
رد بعين دامعة :
لقد كانت أمك فخورة جدا ًُ بك يا هيا .......لم تنم ليلة أمس وهي تختار كيف ستلبس وماذا ستضع من عطر وأي المجوهرات ستلبس ... حتى في طريقها إلى الحفل صباح هذا اليوم ..... كانت تحادثني ... وتسألني كيف كنتي ...!!
وقبل أن أجيبها .... فارقت الحياة بلحظة يا هيا ....
حتى في أخر لحظة في حياتها لم تخلف بوعدها قط ...
" ..... تمت ....."