قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

أحلام وردية مائلة للبياض

on الثلاثاء، 8 فبراير 2011


انشغلت بالكتابة طوال الليل .... تحاول ان تنظم ولو بضع أبيات في مدحه وصفه .... بوزن يتناسب تقاسيمه وقافيته التي تلائم معالمه ...يجسد التفعيلات هيئة الرجولة الكاملة ... ويصور عروضه كرمه وشهامته الأصلية ... على أضرب متنوعة لموافقه بالتضحية والوفاء ... فقد أحتل هو .... تفكيرها ...وسرى في نبض قلبها ... وامتلأ شعورها ببحور أبياتها ॥ليخط داخل احساسها ... ببصمة واضحة على محياها ... كان متمثلاً في عينيها في صورة كبيرة باقيا في عقلها .... يغمر مشاعرها شوقاً ودفئاً ... وفي فؤداها حباً وهياماً ...في داخل روحها بأعمق نقطة ...هو سابحاً فيه بلا حدود أو حصار يحيطه ...يمتد ويعلو كالدخان الهائل وسط الموج الهائج ...وفي لحظة يبقى أقصى الركن الأخر منه ساكناً ...قابعاً ... بوحدته الموحشة .... مستسلماً ... مستلذاً في مده وجزره ....كمنظر الشاطئ الهادئ الذي يدعب تلك النسمة الرقيقة به .... في انسجام تام وبصوت عذب ساحر وسط أضواء طفيفة لامعه .... تحت ماءه الصافي برماله البلورية البيضاء يتلألأ ويتراقص في بؤبؤة العين ....


ومع أول اشراقة صباح يعكس كل روح الحياة .... وينبض الإحساس ويبعث في الروح الشعور بالارتياح ... بهدوء بلا ضخب ...أو ضجيج ... وعندما يحلو الليل بسحر منظره البديعي كل نفس عاشق ويطيب فيه نفس الملتاعة بالأشواق .... فيمل البحر بلونه الغامق ... وقد انتصف في بطنه صورة لنصف قمر بدري .... ليسطع ضوءه على صفحة البحر بلونه الفضي ... صورة طبق الأصل .... حتى لتخدع عين الناظر بأنه كامل الاستدارة .... مطابق لوضعه كان كل هذا في داخل عقلها الباطن يصور لها .... روعة الحياة بلحنها الخالدة .... ولذلك لم تنتبه إلى صوت أمها المتعبة قائلة :
- هيلة .... هيلة ....
- أه ... نعم أمي ( قالت هذا وهي تطبق دفترها وتخبأه عن عينا والدتها )
- اذهبي وأطلبي أباك حالاً ..... فالألم لا يطاق ... ولا طاقة لي بالصبر اكثر ..أرجوك ...
- أستلدين هذه الليلة يا أمي ....!!
- أنني أشعر بالألم ....... اسرعي ..... أسرعي الآن بطلب أباك ....
- حسناً .... الآن سأذهب ...
وبالفعل كانت الأم تزداد صرخاً وتوجعاً بينما زاد اضطرابها وقلقها بها ... حادثت أباها ....سريعاً ...أتى على أثرها بعجل .... ونقلها إلى أقرب مستشفى ... بينما بقيت هي وأخيها الصغير فيصل في المنزل ... والرعب يملأ كيانه ... فرع لحالة أمه ...... خائفاً بما سيحصل لاحقاً .... أخذ يتطلع لأخته قائلاً :
- أين أمي ..... أين أبي .... المكان مخيف ..... أأني خائف ....
واخذت عيناها تغرقان بالدموع ... دموع الخوف من المجهول .... تطلعت نحوه والخوف يعتصر قلبها الصغيرة .... والتي لم تجد إجابة لأخيها ... فأخذت تبحث بدفتر العناوين أرقام وهواتف دونت منذ زمان لبعض المعارف وهي تقول :
- أمي ستحضر لنا أخت .... أمي ستحضر لنا أخت ...لا تخاف .... ستأتي .... وأبي كذلك ...
بينما هي لم تستطع أن تتحمل الخوف الذي سكن المكان بهدوء ما عدا بعض تنهدات من أخيها الصغير الذي يعج المكان صدى مخيف .... فأسرعت بعد أن وجدت رقم عمتها في مهاتفتها .... لتأتي هي وزوجها إلى منزلهم .... فبقيت معهم ترجو السلامة لوالدتها لحظات سرت حتى هاتفهم والدهم ليخبرهم بأنها قد انجبت بنتا جميلة ... وأنها في غاية النعومة والرقة ... عم الفرح والبهجة بهم ....لقدوم المولودة وأرادت أن ترأها .... ولكنها لم تستطع إلا في اليوم التالي كما أخبرها والدها ........ ليلتها أخذت تتصور ملامح أختها الصغيرة .... وكيف هي ...... و أخرجت من دولابها فساتين قصيرة .... وبعد الأغراض الخاصة للمولودة .... تطلعت بأكمامها .... وجواربها ..... وبعض من أحذيتها ........ أخذت تتلمس مواضعها ....... بكلتا يديها الصغيرتان .........ليلتها ... أسرت الصغيرة قلبها سريعاً ليتوغل بها أحساس غريب نحوها
وفي اليوم التالي ... أسرعت لترأها ..... وحاولت أن تضعها في حضنها الصغير ...... بينما لا شعورياً أخذت بتلمس أناملها الصغيرة بكلتا يديها ... وتطلعت بعينيها ملامحها الجميلة ....... وتبسمت لها بسعادة ...حينها بكت ورجت أباها أن يسميها لطيفة ... وعاهدت أمها بأن توليها عنايتها ولما سمحت لها البقاء في حضنها و بحملها ..... احتضنتها بين ذراعيها لتشعر أنها ملأت فراغاً سكنها طويلاً ....... تشعر بضعفها ...... وبقلة حيلتها .... ويصغر حجمها .... قبلتها كثيراً ..... واحتضنتها طويلاً ...لا تعلم لما احبتها بهذا القدر ..... ولم تعلم لما كل هذه المشاعر نحوها .... حتى بعد أن انقضى سبعة أيام على ولادتها وموعد خروج والدتها ..... تتفاجأ يومها عندما أخبرهم الطبيب بوفاة والدتها فجراً ...... بكت طويلاً .... وهي تحتضن " لطيفة " ........ رثت لحالها كثيراً ... كانت تنام بعد أبره المهدات .... وتفيق من أغماء إلى سهاد ..... تغير حالها . وتبدل كثيراً .... فاحتضنت اختها لطيفة ... وهي تنظر إليها بابتسامة عذبة ...و بالبراءة الطفولة ..... لو كانت تعلم ماذا حصل وما حل بها لما ضحكت ولما تناعت بأصوات جميلة ..... بل ربما بكت ..... من اعماقها ... احتضنتها بقوة وسال دموعها بغزارة ...... وهي تحادثها بهمس لتعلمها بوفاة والدتها .... أخذت تترجاها إن تسمح لها ....أن تحس بها.... لكنها كانت تلهوا مع نفسها غير مبالة لما يجري حولها .. صرخت واطلقت العنان لعينيها ..... وفجأة دخلت أمها وهي تحتضنها قائلة :
- أبنتي .... هيلة ...هيلة ما بك ...أأنت بخير ....!!!؟
توقفت فجأة لترأها بجوارها بعد أن ضغط جزء منها ببطنها المنتفخ بشدة ....فنظرت لما بين ذراعيها لتجد وسادتها وقد بللتها بدموعها ..... الغزيرة ... ظلت برهة من الوقت لتستوعب ما حصل لها ثم هاتفت أمها برجاء وخوف :
- أمي ....ألم يحن موعد ولادتك بعد !!
- أأأأأه .. يا أبنتي .......... مازال هناك اسبوع أخر ... هكذا قالت لي الطبيبة ...
- أمي ....... عندما تلدين أرجوك ...خذيني معك إلى هناك ....أرجوك ....خذيني ....معك إلى هناك ...أرجوك لا تدعيني ....
نظرت إليها بحنان ثم قالت بعد أن احتضنتها :
- حبيبتي .....لا تقلقي ... سآخذك معي أنت وأخيك فيصل ..
ولكن أبي ...... ( قاطعتها قائلة بود ):
- لا تخشي شيئا فهذا وعداً مني لكما ....
بكت حينها واحتضنت أمها طويلاً وهي تمرر يدها الصغيرة على بطن أمها وتهمس بعاطفة صادقة لتقول :
- أنني أنتظر هذا بفارغ الصبر ...
( ......... تمت .........)

2 التعليقات:

نوف محمد يقول...

روعة القصة

كروعتك أيتها المبدعة

غير معرف يقول...

تبقى في عيون الأطفال أحلام وردية مائلة للبياض


لك الشكر غاليتي

وننتظر جديدك