قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

حكم القدر

on الجمعة، 3 أبريل 2009





توقفت برهة بدون وعي قبل أن تطلق العنان لتفسها في البكاء والنياح ...... بقيت في حالة التصديق أو التكذيب وهي تنظر إليه .......... لم تستوعب في بادىء الأمر ...... إلا أنها ابحرت في الكلمة الوحيدة التي نطق بها ....... الكلمة الاخيرة التي تفوه بها ........... الكلمة الوحيدة التي هي بداية لكل منها في طريق النهاية .......... شعرت بغصة ألم بالغة تترقرق في محجريها ........ الألم يزداد كلما تردد لها صدى الكلمة ذاتها .......... ( طــــــالق ) ....... لقد غدت اليوم مطلقة ........ هذا آخر مشوار حياتها معه ......... لقد سأمت من حياة الكفاح والعذاب .......... ومن النضال والبقاء ......... توهن جسدها ضعفاً وكبراً من أجله ........أفنت حياتها في خدمته ......... سعت بكل طاقاتها في أسعاده ....... وتكون النتيجة الحاسمة ....... أتهون سنين الود والأخلاص .......... أتغني عشرة عمر دامت ست سنوات وهي في مرارة وعذاب ........ عملت المستحيل لأرضاءه ......... ثم ماذا؟ ........ غدت الآن مطلقة ....... لتعود إلى والدتها المسكينة ....... المرأة التي لم تنال من الحياة شيئا ....... لم تنال حظها فيه إلا الأسوء .......... مات زوجها بعد أن انجبتها ....... وتيتمت هي مع أخواتها ........ أخيها الاكبر معاق ....... واختها كفيفة ......... لم تكن إلا لترعى شؤون حياة عائلتها ......... ولم تنال من الدراسة والعلم نصيب قط ........... أخيها الأخر ترك الدراسة بعد سنة واحد من تعليمه الابتدائي ليخوض في مضمار العمل ليل نهار .......... في محل عمه " أبو سليمان " وأبو زوجها بذات بقي العائل الوحيد لهما .......... وحينما كبرت وتزوجت ابن عمها " سليمان " كانت أسعد ماتكون في باديء الأمر .............. ولكن بدأت الأمور تتكشف لها بالسواد كل يوم يزداد الأمر بها سوء خصوصا ......... وأن أبن عمها قد أجبر بالزواج منها لأجل مال أبيها ......... الذي يشاطر عمها في أرض جدهما ....... ذلك ورثها الشرعي وها هو قد سلبه منها ........ بقيت معه في جحيم لا يطاق إلى جانب سهره خارج المنزل فإنه لا يأتي إلا للنوم أو للأكل فقط ......... لم يشا الزواج منها ........ كان معجباً بأخت صديقه " محمد " ........ الفتاة التي طالما حلم بالزواج منها....... الفتاة التي رسمها في مخيلته زوجة المستقبل المرأة الوحيدة التي كانت تعيش في قلبه ........ وها هي الأحلام والصور الضائعة تندثر مع أدراج الرياح ......... ضاع حبهُ ......... وأمله ....... تلاشى حلمه وعواطفه ...... صدم برغباته وطموحه على واقعه المرير ....... لينحل منه معاني الأنسانية ومنابعها الخيرة ....... ليبقى جسد بلا روح ......... ونفس بلا حياة .......... وبعد مضي أربع سنوات على زواجهما ........ قدم أوراقه لأبتعاثه خارج البلاد ........ وبالفعل .... تمت الموافقة عليه ....... رحل هو ......... لأستكمال دراسته ربما كان هذا هروبا ً من واقعه القاسي ..... ربما كان محاولة منه لنسيان حياته السابقة ........ وتجربته الخاسرة .......أمضى ما يقارب السنة وثلاث أشهر ....تسبق أسمه بحرف الدال ........ أصبح ذا مركز مرموق ........ ومكانه هامة ......... عاوده الحنين إلى الماضي ......... برغم هذه السنين إلا أن حبه الأول مازال ينكي جراحه وآلامه ........ صارحها بالأمر وخيرها بالبقاء معه وتحت قيد الضوابط الشرعية ......أم الفراق وهو الحل الأسلم لكليهما ..... شعرت بألم يعتصر كيانها ........ هاهو حبيبها وزوجها يوقعا بأمرُّ الأمرين .......أبعد كل هذا السنين يكون هذا الجزاء ......... لا ذنب لها ..... ولا ذنب له ..... ولكن حياتهما كانت تحت قيد حلكم التقاليد والأعراف ........ لذا رضيا بأمرهما ........ وهاهي ستضطر للأختيار ...... برغم من مصارحته لها ....... ولكن كرامتها تأبى البقاء معه تحت ظل جسد بلا قلب وروح بلا أحساس ......لذا آثرت البقاء بعيد اً عنه وصون لكرامتها إن تهان ألماً وتمزقاً أن أجابت بالقبول له ....... أخلت المكان لمحبوبته السابقة ..... لترحل بألامها إلى ماضيها السحيق لتعود إلى حجرتها العتيقة بكل محتوياتها البسيطة ..... لتبقى صورة المحبوب في نفسها النقية ........ ولتحمل على عاتقها البقاء من أجل والدتها الضعيفة ...... لعل في أمرها خيراً .......لعل في قرارها خيرّة من عند الله .... لذا أخذت بلم أغراضها البسيطة وحاجاتها المتواضعة ...... أخذتها تضم إلى روحها الجريحة خصوصاً بعد أن ألقى كلمته الاخيرة عليها ........ رحلت ........ رحلت إلى منزل والدها ... طرقت الباب عدة مرات وبها رعشة تسري في أطرافها .......... تلاحقها دموعها المنحدرة على خديها ........ فتحت لها أمها الباب وهي تسند إلى عصاتها الغليضة تقبلها وتحتضنها ........ تسألها في تعجب وخوف عن سبب قدومها في مثل هذا اليوم بالذات ومن الصباح الباكر إيضا ...... تجيب لها بنرة مليئة بالأسى ........." ما كان ينبغي لي أن أرحل منكم ..... ولا أن اوُرحل عنكم ....."تضمها بقوة ......وهي تكفكف دموعها الحارقة ....... تشعربها ...... تألمت أمها في حدة ....... لتقع عليها الأمر في قسوة كالجمر الملتهبة على قلبها ....... تسير ببطء وبصمت ..... لتلقي بثقلها إلى أقرب مجلس لها ......... بينما دلفت هي إلى الداخل بعد أن خرج إليها أخيها المعاق ينظر بتعجب لهما ......سارت إلى حجرتها ...... أغلقت الباب خلفها ..... ليبقى شرارة الألم مشتعل في قلبها كالنار المستعار في جحيم حياتها المؤلمة ............" .............. تمت ............... "

2 التعليقات:

غير معرف يقول...

قصة مؤثرة جدا اعتقد اننا كثيرا ما تظلمنا الحياة و لكن يبقى لنا ان نستمر بها لانها لا تعطى لنا الا مرة واحدة و يجب علينا اننحياها بمرها و حلوها
شكرا لك على هذه المشار الرقيقة التي انسابت على سطور هذه القصة
رشيد

بنت جدة يقول...

قصة جدا مؤلمة وفعلا تلامس الواقع المجتمع الخليجي والسعودي بشكل أخص

اهنأك على روعة أبداعك


دمتم،،،