قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

بقايا كحُــل

on السبت، 23 مايو 2009






" أحبه بجنون "

تلك الجملة التي ألقيتها على مسمع والدتي ... لأنال منها الضرب المبرح بعد أن صفعتني بقوة وأخذت بشد شعري وهي توبخني بحرقة ... لقد كانت تبكي وهي تشتمني ... ليت عرفت قيمة هذا الإحساس المؤلم .. ليت أدركت هذا منذ البداية ..

حينها كنت ابكي وهي تذرف دموعها غضبا مني .... ابكي حبا وخوفا عليها ... وتبكي هي حرقة مما فعلت ... لم انسي كلماتها حينئذ .. " أنت حمقاء ..تافهة ...ما زلتي صغيرة على مثل هذه الأمور ... يا لك من فتاة قبيحة ... قذرة ... "
لم أذكر حينها سوى إنني قلت لها بصوت عالٍ... "
أنه سيأتي ليتزوجني ... وما فعلته هذا ليس عيباُ ... ..اذكر حينها تمنت أن تشق الأرض وتبلعني ... قبل انطق بهذا ... ولم أنسى يومها الضرب المبرح الذي سطر بظهري ألما وجرحاً ...لقد أفرغت كامل طاقتها بضربي ... وبأقسى ما يمكن ...
كانت تتمنى موتي على أن أقدم مثل هذا الفعل ....... فعلا ... لقد كنت غبية فأخذت ابكي وابكي ...

وأنا اردد لها :
" ما فعلته كان بدافع الحب ...أنا أحبه ...أحبه بجنون يا أمي ... تعرفت عليه ... ونحن اليوم نعشق أنفس بعضينا ... ولقد تعهدنا بالحب حتى الموت ... حتى الموت يا أمي ... "
وكانت تشتمني :
أيتها الحقيرة ... والمغفلة .... ما الذي فعلتي اخبرني أيتها المجنونة ..." وهي تضربني بالسوط .... أشعر لهيب حرارته وصفير صوته يحرق قلبي ....

صرخت بقوة :
أمي لقد وعدني بالزواج وسوف يأتي
مزقت يومها السوط في ظهري ... وانفجر أنفي بالدماء .. وأسفل شفتاي قد تورم بعد إن شكل لونه إلى الزرقة ... وأصبح جرحا خاثراُ يسيل منه الدم كلما تفوهت بكلمة .... لم يلتأم جرحي بعد ...
أشعر بأن شعري قد اقتلع من جذوره ولم يتبقى الإ الربع منه .. وكتفاي الذي طالما لم اشعر به وكأنما هو مخلوع من مكانه ... لم استطع التحرك ..فرجلاي لا تقوى على الحراك ... كأنما قد تخثر بالدماء ..واندمل حتى أصبح حمله عليّ ثقيلاً ....وعبأ علي ّ ....
كل هذا يهون بمجرد أن أتذكر صورة محيا حبيبي .... أحبه بجنون ... فولعي به شديد ... لدرجة الجنون ... بكيت وبللت وسادتي بدموعي الغزيرة ....

حتى في اليوم التالي أستيقضت على نحيب وصراخ الخادمة ...؟؟
هرعت إليها سريعا لأرى ماذا حل .....؟؟
حتى أنصدمت عندما أدركت وفاة أمي بنوبة قلبية توفيت على أثرها ليلة أمس .... أذكر حينها أنها كانت تصرخ وتضرب بشدة حتى بدأ تضعف أكثر وأكثر ... إلى أن سقطت فجاءه أمامي ....
اقتربت منها وأنا اطلب منها أن تسامحني .. لقد بكيت حينها فعلا خوفا ً من فقدانها ... إلى الأبد ... كنت أريدها ...... أن تسامحني بعد أن غصب علي .. ولكن بعد ماذا ... أبعد فوات الأوان ...
مضت أيام عصيبة عليّ ... وكأنما تشير إليّ بتهمة قتلها ... ولما لا ... وأنا التي قتلها بكلماتي المجنونة ... لقد قتلتها بسهام حبي ...
لقد قتلها بفعلتي الشنعاء ...

وكنت أظن أن هذا ليس عيباً الآن أدركت ...؟؟؟
ويا ليتني لم أحيا لأرى هذه اللحظة الباقية على لحظات أيامي القادمة ... ليتني مت قبل أن تحسر وأموت باليوم مليون مرة .... أحساس مؤلماً حقاً ... بالذنب ... كنت أظن أنني سأفرحها سأحقق مبتغاها ... ومناها... كانت دائماً ما تدعو لي بعد كل صلاة ... أن يرزقني الله بابن الحلال ...كي تسعد بيوم فرحي وزفافي ...
كان ذلك حلمها ... الطاهر النفي المليء بالعفة والصوان ...
كنت يومها أحلم كما تحلم هي به .. ولكن بفارق بسيط ..أنني تسرعت وسرت بطريق الحرام ... نعم ...فبعد لقاء وموعد تعددت المكالمات واللقاءات ...

كان في كل مرة يهدي إليّ عطر أو وردة ... أو رسالة ..غرام معطرة .. أو يفاجئني بهدية صغيرة بها عبارة " احبك " يحملها دبدوب ابيض صغير .. وحوله نثر الورد الأحمر .. حتى جن جنوني .. حينما أهدي لي خاتماً ... ذهبياً اللون ... بعد انأ لتقينا في المطعم الايطالي ...
ألبسني الخاتم ... وهمس لي قائلا ً :
لا توجد قوة في الوجود ستبعدني عنك ...ّ!!

حينها لم أدرك ما الذي فعلته ...سوى أن أخذت بمعانقته طويلاً .... أحساس يتناغم مع خفقات قلبي الضعيف .. وهكذا حتى يوماً أهدى لي صورته إنه وسيم ... وشاب طموح إلا أنه عاطل عن العمل ... لقد وعدني بالزواج ... أن حصل علي وظيفة ... ولم ييأس حاول وحاول ولكنه فشل ومازال صامداً ... كنت أشجعه واخفف عنه آلامه ... كنت أحبه بجنون ... لقد كان أملي الوحيد ... وحياتي القادمة مرتبطة عليه .. وعلى مستقبله فانا وحيدة لأمي وأبي عشت طفولتي مع والدتي الحبيبة ....
لم أرى أبي في حياتي قط ... ولم أسمع عنه أبدا... فكلما سألت عنه أجابتني أمي بأنه مسافر ولا تعلم متى سيعود ...
حينها يتردد الأوساط من حولي بأنه سجين .. ولكن أين لا اعلم ... ربما في السجون العسكرية ... أم الدولية ... أم المحلية ... لا اعلم أين هو ...؟؟

وفي أي أرض هو عليه .... أهو على قيد الحياة أم لا ... لا اعلم ... فلا إجابات شافية لتسأولاتي المتعددة ... صمت طويلاً ...ونسيت أمره ... فلم يبقى له من الوجود شيئاً ... لا تذكره ... وكان لا أب لي ... سوى أمي ... عاشت من اجلي وكانت تخشى عليّ كثيراً .. لأنني كنت متمردة على حالنا... ووضعنا المأساوي ... فقر على فقر ...
كانت تتمنى أن تتزوج من احد أقربائي من أبناء خالتي ... ولكن لم يتقدم أحد إليّ ... ربما يعود السبب بأبي وربما يتعلق بسمعته بشكل اخص ...لم أبه إلى هذا ... كنت واثقة أنني سأعيش حياتي في سعادة ... بعد وفاة أمي أخذت خالتي في مواساتي ...

وبعد مضي شهرا انتقلت إلى منزل خالتي ... بقيت فيه لفترة انقطعت علاقتي به خصوصا َ بعد أن أحسست بعد أن ما حدث كان له صلة قوية لوفاة أمي ...ومع ذلك حملت حقيبتي كل الهدايا التي أعطتني إياها وخصوصاً صورته التي أخفيتها في دفتر الذكريات الخاصة بي ... ..؟؟

عشت في منزلهم لا حياة ولا إحساس .. كل شيء يدعو إلى الملل الروتيني كما هو .. وكأنني موظفة في شركة قوانينها صارمة .... مواعيد النوم والخروج والدخول ... مواعيد الطعام ..مواعيد التنزه .. ما هذا سأمت من حياتهم الروتينية التي لا تتغير مع نظام أبيهم الدكتاتوري ... نظام صارم محض .. لا مرونة فيه ... الكل يسير على النظام كآلة الكهربائية ...تعمل وفق ما حدد لهما ...

عدت إلى حبيبي وتعددت اللقاءات بيننا ...لم يكن بالأمر الهين اكتشاف أمرنا .. فوالدتي قد اكتشفت أمري حينما رأت صورته في حجرتي أسفل المنزل فجأتني بصورته وقد احتقن الدماء في وجهها .....آه ...بدأت أخاف أن أكتشف أمري ثانية ترى ما الذي سيحدث لي ..... ؟؟
كنت ألتقي به .. وأنا ذاهبة إلى المدرسة حيث خلف سور المدرسة باب حديدي متهدم اختبأ به لحين وصوله إليّ ...
فأذهب معه حينما أردنا . كانا قد ذهبنا إلى المطعم أو الحديقة العامة ... وفي محل المواد الغذائية ....المهم في مكان عام حتى لا نثير شكوك أحد ما .... ولم يتغير شيء حتى بعد انتقالي إلى منزل خالتي مضت بعض أسابيع وأنا على هذا الحال ...
حتى فجأتني خالتي بسؤال ذات يوم عمن قد أهدى إليّ تلك الهدية الجذابة فأجبتها على الفور أنها من صديقاتي في المدرسة ....
مضت أيام حتى عثرت على رسالة غرامية فسألتني حينها لمن تكون ...؟؟

لم استطع أن اكذب عليها لقد خط وصيغ على أسلوب الذكر يخاطب أنثى ... فصمت برهة قبل أن تدمع عيناي ... لا أعلم لماذا عادت إليّ صورة أمي الغالية ... فلم أزد أن قلت لها :
أتت إليّ عن طريق الخطأ ....؟؟
تطلعت إليّ بنظرات استفهامية ولكنها لم تتوصل إلى شيء ذي بال .. فقد أخفيت ما يخفق به قلبي وما تفضحه عيناي من عشق وحب عذري ... فلم تزد أن قالت : حسناً حينما تحتاجين إليّ أخبرني ....؟؟
كأنها تعلم ولكنها لا تشأ أن تقولها لي ... كأنها ترغمني على القول من تلقاء نفسي .. أأقول لها أم لا .... أأنتظر حتى يحدث الله بعد ذلك أمر ... أم لا ... ماذا لو أخبرتها وكانت تنوي القول بأنها ترغب أن أكون زوجة لأحد أبنائها ... ..؟؟

ستكون كارثة حينها بل صدمة أن علم زوجها بهذا ياألهي ستقع كارثة حقيقية حينها ... مضيت أيام عشت في حيرة من أمري ... دائما ما أفكر وكثيراً ما يتلبس عليّ الأمر .... لذا أكتفي بالصمت وألوذ بإحدى زوايا الحجرة ..انظر إليهم كأنما أترقب انفجاراً هائلاً أمامي ....
كنت أسبح في حيرتي وشتات أمري حتى بعد إن ذهبوا إلى النوم بقيت لوحدي أنظر إلى لا شيء ... وأن كنت غارقة في أحلامي الوردية ومشاكلي المدرسية وحيرتي الغامضة في حياتي المستقبلية ...

تقدمت بضع خطوات إليّ فهمست ليّ قائلة :
إلا تريدين إن تخلدي للنوم ..؟؟
ها .... آه .. صحيح ... حسناً ..
ما بك عزيزتي ....
لا ... لا شيء...
أحقا... ولكنني أجدك غير ذلك ... أهناك شيء تودين القول فيه ...؟؟
ما الذي تقصدينه يا خالتي ...؟؟
يا أبنتي أنني أقرأ في عيناك الكثير والكثير ..
خالتي ... أنني ..
لا عليك .. حينما ترغبين بذلك فسأكون في انتظارك وبقربك دائماً ..!!

نهضت سريعاً إلى حجرتي وكأنني أخفي من أنفاسي المتلاحقة سرّ حياتي .. أتراها تعلم ما حصل لي ...؟؟
أم أنها رأت صورته وسط حقيبتي أم اكتشفت هوية صاحب الرسالة الغرامية ...؟؟
ما الذي تعرفه عني ّ... ؟؟
عجيب أنها تختلف عن زوجها كثيراً ... أنها تسير على نمط الديمقراطية .... هناك أخذ وعطاء في حديثها ... ذلك مؤشراً جيداً .. ربما ذلك الحل والطريق الوحيد الذي طالما بحثه عنه طويلاً ...
سأخبرها علّها تفيدني بشيء من ذلك ..حتماً ... نعم سأخبرها غداً ... وهذا أفضل شيء أقوم به ...؟؟
وفي اليوم التالي ... لم اذهب إلى المدرسة ... تظاهرت بالمرض ... وبقيت في المنزل .. أنها لا تعلم بعد أن كنت قد ذهبت أم لا ... أخذت أراقبها عن كثب ... لعلّـها تدلف إلى حجرتي لحل باقي الألغاز .. هذا مؤكد ... ولكن هذا لم يحدث قط نزلت إلى الطابق السفلي ..
اسمع صوت نحيبها ...وبكائها .. تأملتها دون أن تراني أنها تحتضن شيء في صدرها اقتربت أكثر ..لم تتنبه إلى وجدي ...وإذا بصورة تحملها بيديها وكأنما تخشى أن يضيع منها ..اقتربت أكثر ... ياألهي ..

أنها صورة لأمي ...!!
لماذا ... ...؟؟ ما سرّ ذلك ...؟؟ همست لي بصوتها الواهن ...
تعالي يا أبنتي ...
ولكن خالتي ..!!!
أعلم أنك هنــا منذ فترة .. لا تخافي لا أحد هنـُا...
اقتربت منها أكثر ... تأملتني ثم قالت ...:
لقد كانت أمك امرأة عظيمة ...
حينها لا أعلم لماذا سرت دمعة حارقة من كلا عينيها ... فاحتضنتني بشغف وحب كبير ... بقيت هكذا .. لفترة وأنا أنعم بحضنها الدافئ ..
حتى استجمعت قواي وهمست لها و بي نوعاً من التردد يقطع أنفاسي المتلاحقة ...:
خالتي ...
نعم يا ابنتي ...!!
سأخبرك بشيء هام وقد احترت به طويلاً في مجمل حياتي الماضية ..
وما هو ..؟؟
أتعلمين من هو صاحب تلك الرسالة ..؟؟
أهو قريباً لك ...؟؟
لا .. لقد تعرفت عليه بمحض الصدفة ونشأت بيننا علاقة حب وتحول إلى عشق مجنون ...
إذن هذا كل ما في الأمر ...؟؟؟
أرجوك يا خالتي لا تسيء الفهم بي .... أرجوك ...
أنني أفهمك جيداً يا غاليتي ....
لقد تعرفت عليه بعد فترة من لقاءاتنا والتي كانت بمحض الصدفة بالبداية ومن ثم نشأة مواعيد للقاء بيننا وكنا نلتقي بين كل فترة وفترة نشتاق لرؤية بعضينا ...
خصوصا بعد ما أحببنا بعضنا البعض وتبادلنا الإعجاب والحب معاً ...وتجرعنا كأس الشوق والهيام سوياً ..
هل يحبك هو فعلا .....؟
لقد وعدني بالزواج يا خالتي ...
ولكن هذا لا يكفي يا عزيزتي ... افهمي ما سأقوله لك .. أنت ما زلتي صغيرة لمعرفة أمورك كهذا ... فما زلتي بالخامسة عشر من عمرك ..فأنت في سن الزهور لم تفتح بعد ...

من المؤكد أنه يكبر عنك بسنين أهذا صحيح ..؟؟
لقد تخرج من الثانوية العامة ولم يعثر على عملاً بعد ..؟؟
أذن كيف تسمحين له بفعل هذا ..؟؟ أخشى أن يستغلك محبتك له غاليتي ... ويتلاعب بعواطفك ... فلو كان يحبك لما فعل ما فعله الآن ... ولما التقى بك ولاكتفى بالتعرف عليك من بعد ومن ثم التقدم لخطبتك رسمياً .. من والديك ...!!
هذا ما كان يريده ولكن لا أب لدي ...فكيف سيأتي إليّ خاطباً
لم تنطق حينها وبقيت لبرهة من الوقت تنظر إليّ وكأنها تبحر إلى أعماقي لتكشف عن مكنوناتي المختبئة به ...
فهمست بود أكبر حينها ... :
أسمعيني يا ابنتي ...أن كان فعلا يريدك ... فيتقدم إلى خالك خاطباً ...

أتقصدين زوجك .. ياألهي ... سيفسد أمري ...
لا ...لا تخافي ... سأكون بقربك ... ولن أخذلك .. أبدا .. فقط ... أفعلي ما أقوله لك ...
وبالفعل أسمعت إلى رأيها ونفذت أمرها ... بالحرف الواحد ... وطلبت منه التقدم إلى زوج خالتي خاطباً ولم يخب ظني به ... وبالفعل تقدم إليّ ولم يعطه زوج خالتي رده الأخير ... بينما امتنعت أنا عن الحديث أو حتى اللقاء به ...
وفي تلك الليلة ..أردك فضاعة الأمر التي استجدت في حياتي فبمحض الصدفة كنت أريد معرفة ما دار بينهما أأجابه بالقبول أم بالرفض ... وما سيكون مصيري أنا ...
ومن حسن حظي إن والدته تعرف خالتي معرفة تامة .. فا الأمور بدت تتشكل لصالحي ..
حينها سمعت ما دار بين خالتي وزوجها بعد أن علا صوتهما قليلاً :
قلت لك أنه فتى فاشل ولا يصلح لها ..
ولكنني أدرك بمصلحة أبنتي ...

إلا ترين أنه عاطل عن العمل ...فكيف سيصرف عليها ويطعهما ...
أعلم ولكن هذا لا يمنع من ارتباطهما ..
إلا تعلمين عواقب ما سيحدث حينها
لا شأن لك بذلك ابنتي وأعرف مصلحتها جيداً
ولكن هذا سيؤدي إلى الفشل وطلاقهما سريعاً
لا تخشى عليها ..
أنت أمها وهي ابنتك ...فلا شأن لي بكما ..
توقفت برهة أفانتي شيئا مما يجري... أسمعت شيئا مغالطاً ...
أم من ..... وأبنت من ........!!!
اختلط الأمر علي و ألتبس الوضع بي في بادئ الأمر فلا أدرك من هي الابنة بعد فخالتي لم تنجب سوى الأولاد فقط ... فأي بنت يتحدثان عنه ....؟؟

حينها أرهفت سمعي بعد إن خفضا صوتهما قليلاً :
لقد ظلمتها كثيرا منذ صغرها .. فحرمتها من الحنان والأمومة ... وعاشت عند أختي العقيم ... التي لم تنجب من الأبناء.. ...
خصوصا بعد أن عاشت في شبح الوحدة بعد أن توفي زوجها .. حينها كنت حاملاً بها .. .... لقد عشت في تعاسة ... ومرارة كنت أكره أبيها ... لقد كان أنسانا فاشلاً ... عديم المسؤولية ... فانخرط مع زمرة من الشباب ... الذين اودوُ به إلى السجن ... لقد وقع بتهمة ترويج المخدرات ... فخشيت على سمعة ابنتي فأودعتها عند أختي بعد ولادتها وطلقت منه ومضت السنين حتى كبرت ... حتى تزوجتك ... ولم أنجب من البنات سواها ... أكان الله يعاقبني على فعلتي وحرماني من البنات بعدها ..
.فكيف بي أن اجعلها تعيش في تعاسة بعد ما تخليت أنا عنها ..
ولكنها كانت في أيدي أمينة ..

نعم رحمك الله يــا أختاه ... فقد كانت نعم الأخت هي ....
مسكينة لم تحظى يوماً بابن أو ابنه لها ...
ربما كان وجودها مع أختي أفضل من أن تبقى معي
لقد كان ذلك قرارك ..
أعلم هذا ... وارجوا أن أكون قد وفقت فيه ...!!
صدمت ....صعقت ...ما الذي اسمعه منهما ... أيعني هذا .... أنا ... ماذا ... ياألهي . ... أهي والدتي الحقيقية وأبنائها هم أخوتي .. وخالتي هي التي توفيت منذ فترة ... ما الذي يجري ...؟؟؟
لا..............لا .... اصدق ولماذا يحصل هذا معي ... ...؟؟؟
حينها لم أدرك ما حل بي إلا حينما رش بي ماءاً بارداً ... فصحوت .... لأنظر من هم حولي ... أنها خالتي ... بل أمي..... وهؤلاء أبناء خالتي ... بل هم أخوتي .... آه لقد تذكرت ... لقد أغمي عليّ ... ياألهي ..
ماذا حصل بي ... آ أعيش مع امرأة هي أمي ثم أكتشف أنها خالتي ... وأعيش مع خالتي ... لأكتشف أنها أمي ... الحقيقية .......... وأبي أين هو ... حينها دمعت عيناي قهراً ....فابتسمت خالتي برفق وهي تقول لي :
حمد لله على سلامتك .. لقد وافق خالك عليه .. وبذلك تكونين قد حققت كل أحلامك ...
ولكن أبي ...

اندهشت خالتي لبرهة من الوقت ثم قالت :
أباك ... لا بأس في هذا ..
أريده حاضراً ليوم زفافي ...
يا ابنتي هذا مستحيل
لا .... ليس مستحيلاً ..... وليس عيباً ... أن يعلم الناس بأمره ... ومهما يكن فهو والدي ...وأبي الغالي ..
لم يسأل عنك طول هذه الفترة ... فلما تريدينه أن يأتي ... لقد تخلى عنك بل نحن من تخلى عنه ...
ما الذي تقولينه ....... أتريدين الزواج منه بشدة وإصرار وحينما يتسنى لك وتزول كل العقبات أمامك تعيقينها بنفسك ...!!
أمي ... أرجوك ..

تفأجات .. حينها لمناداتي لها بــ " أمـــي .." بكت لسماع هذا ..فأخذتني إلى أحضانها ... وغسلنا بدموعنا مما آثر في أحزاننا ... وآلمنا ...سوياً شعرت بهذا .. وهي تهمس لي من بين أنفاسها الحارقة :
أيعني انك قد سمعتي ما دار حديثي في ليلة الأمس ....!!

أوُمت لها بالإيجاب ...فضمتني بشدة وهي تقول :
أرجوك أنتي ...أسمعيني ولو لمرة ... واحدة يا ابنتي . ...... ليس لدي سواك ... أرجوك.......... لا تفعلي هذا ... أفهميني ..
أرجوك يــا أمي .. أنها حياتي ..وأريد أن يشاركني بها والدي .. مادمت أنت أمي ..لقد حلمت بذلك اليوم منذ زمن بعيد ... أن تبقيا بقربي ..لحين موعد زفافي ...أرجوك ...
ولكن هذا مستحيل ... أباك مسجون ... وهو بالأصل رجل سيء ...وجوده قد يحطم حياتك المستقبلية ...
مهما يكن يا أمي ... ليس هذا عيباً لأخفيه عن الجميع ... فالحقيقة لا بد وأن تظهر ..
إلا هذه المرة ... لقد صبرنا طويلاً .. ولم يبقى إلا القليل ... أرجوك ... طاوعيني ...
إلا هذا يا أمي فلن أطاوعك مهما حصل ومهما يكن فهذا أبي .. أبي ..الذي طالما حلمت يوماً إن التقي به ... وسألتقي به قريباً ..!!
قالت هذا وأنا واثقة من مشاعري تجاه أبي ... وتجاه زوجي المستقبل ...فقد كان كل همـّي إن أحقق الحلم الذي طالما بقي حبيساً في أروع أحلامي .... منذ الطفولة ... كنت انظر إلى الأفق حينما يضوي القمر وتأخذ النجوم في مجراها بلمعان وأنا أرى زوجي وأبي وجهين لعملة واحدة ... بين أصبعين في يدي .......

فذاك حلم كان مستحيل .. وهذا حباً كان بحكم المستحيل ... وسيتحقق أحدهما بوجود الأخر لو بمحض الصدفة ....!!!



" ......... تمت ........ "

4 التعليقات:

hand- Dubai يقول...

very goooooooood the story

سمر - الرياض يقول...

الله القصة مرة حلوة صراحة
انتظر المزيد من روائع قصصك الشيقة

سلطانة - كلية التربية يقول...

دموعي..
لا استطيع التحكم بها..
في كل مرة اقرأ ابداعاتك..

هناء العميري يقول...

كل مرة أقرأ
قصصك

أزداد أعجابك

وأتتوق إلى المزيد

من نبعك الصافي


هناء العميري
جامعة الأميرة نورة
السنة التحضرية