قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

أنفاس متعلقة

on السبت، 6 يونيو 2009




انشغلت بالكتابة طوال الليل ... تحاول إن تنظم ولو بضع أبيات في مدحه ووصفه ..


بوزن يناسب تقاسيمه وقافيته التي تلأم معالمه البدوية الصعبة ... يجسد التفعيلات هيئته الرجولية الكاملة... ويصور عروضه منابع كرمه وشهامته الأصيلة ...على أضرب متنوعة لمواقفه بالتضحية والوفاء ...... لقد أحتل هو ... تفكيرها وسرى في نبض قلبها ...


وامتلأ شعورها ببحور أبياتها ... ليُخط داخل إحساسها بشعور ذهبي صافٍ...... و ببصمة واضحة على محياها ...


كان متمثلا في عينيها في صورة كبيرة كان باقيا في عقلها .... يغمرُ مشاعرها شوقاً ودافئاً ... وفي فوأدها حبا وهياماً .. في داخل روحها بأعمق نقطة جنوناً ... فقد كان سابحاً فيه بلا حدود أو حصار يحيطه .. يمتد ويعلو كالدخان الهائل وسط الموج الهائج ...


وفي لحظة يبقى بأقصى الركن الأخر منه ساكناً قابعاُ بوحدته مستسلماً متلذذاً في مده وجزره ... كمنظر الشاطئ الهادي الذي يداعب تلك النسمة الرقيقة به .. في انسجام تام وبصوت عذب ساحر وسط أضوء طفيفة لامعة تحت ماءه الصافية برماله البلورية البيضاء .. يتلألأ ويتراقص في بؤبؤه العين .. ومع أول اشراقة صباح يعكس على كل روح تهيم حبا بالحياة ..


وينبض الإحساس ويبعث في الروح الشعور بالارتياح بهدوء بلا صخب أو ضجيج وعندما يحلو الليل بسحر منظره البديعي على كل نفس عاشق ..... ويطيب فيه النفس الملتاعة بالأشواق ... فيميل البحر بلونه الغامق وقد استقر وجه القمر فيه .... .. ليعكس ضوءه على صفحة البحر بلونه الفضي ... صورة طبق الأصل ..حتى أنها لتخدع على كل عين تراه بأنه الكامل بالاستدارة مطابق لوضعه.....


كان كل هذا في داخل عقلها الباطن يصور لها روعة الحياة بلحنها الخالد.... ولذلك لم تتنبه إلى صوت أمها المتعبة قائلة ...:


هيلة ... هيلة ...أهـ .. نعم أمي ... ( قالتها هذا وهي تطبق دفترها وتخبأه عن عين والدتها بعد إن رأتها قد أوشكت على السقوط )


أذهبي واطلبي أباك حالاً ... فالألم لا يطاق ... ولا طاقة لي بالصبر أكثر أسرعي ...


أتلدين هذه الليلة يا أمي ..ربما .. أسرعي بطلب أباك ..!!


حسناً ....الآن سأذهب ..وبالفعل كانت الأم تزداد صراخاً وتوجعاً بينما زاد اضطرابها وقلقها بها ..


حادثت أباها سريعاً ... أتى على أثرها سريعا ونقلها إلى المستشفى بينما بقيت هي وأخيها الصغير فيصل في المنزل والرعب يملأ كيانه .. فزع لحالة أمه .. خائفاً بما سيحصل لاحقاً .. بينما هي لم تستطع التحمل أكثر والمخاوف تحذف لها من كل صوب... فلم تستطع أن تتحمل فهتفت عمتها لتأتي هي وزوجها إلى منزلهم فبقيت معهم ترجو السلامة لوالدتها لحظات سرت حتى هاتفهم والدهم ..... ليخبرهم بأنها قد أنجبت بنتا جميلة وهي في غاية النعومة والرقة ..


عم الفرح بهم والبهجة والسرور بدا طاغيا على وجه أخيها فيصل لقدوم المولودة ...ولكنها لم تستطع إن تراها الإ في اليوم التالي فأسرت قلبها سريعاً ليتوغل بها إحساس غريب نحوها فلامست أناملها الصغيرة يداها وتطلعت بعينيها ملامحها وتبسمت لها بسعادة ..


حينها بكت ورجت أباها إن يسميها لطيفة ... وتعاهدت لأماها بأن توليها عناية خاصة ...وأخذت بالرجاء لتحملها بين ذراعيها حتى سمحت لها بحملها .. احتضنتها بين ذراعيها ولأول مرة تشعر أنها ملأت فراغها بعبق أحساس الأمومة ظلت تتأمل بها طويلاً ...


تشعر بالضعف تجاهها ...وبقلة الحيلة لمقاومة احتضانها ... وتقبيلها ....ولشدة صغر حجمها ... ونعومتها ..


أخذت تقبلها كثيراً كلما حركت ساكناً .. وكلما مدت بصرها إلى الأعلى ... أو مدت ساقيها الصغيرتان إلى كفتها ...


احتضنتها طويلاً وهي تتأمل بعينها الجميلتين ... لا تعلم لماذا أحبتها بهذا القدر ولم تعلم هذه المشاعر نحوها .. حتى بعد إن انقضى سبعة الأيام الأولى ... حاولت أمها النهوض من سريرها ...


لتخرج خارج الحجرة وبقيت هي مع أختها لطيفة تداعب أناملها بحب كبير .......


حينما علا بالخارج صراخا ووقعا مدويا ... خرجت سريعا بعد إن أنتابها خوف كبير ...


ولكنها رأت أمها قد سقطت متألمة على أحدى الممرات الضيقة بعد أن ببل الأرض دماءها بالماء . ....


وأخذتُ أمها على الفور إلى غرفة الجراحة العاجلة ...


بقيت فيه أربع ساعات حتى خرجت الطبيبة وهي تقول ...:


للأسف حاولنا أصلاح كسر الحوض ولكنه يبدو أنه تهشم بالكامل ... لذا فهي الآن في رعاية الخالق وليس بيدنا أكثر مما قمنا به ...


يومها بكت حتى اختفى صوتها ... وأصفر وجهها حزنا وألما وهي تنظر إلى والدتها التي افترشت على سريرها الأبيض غائبة عن الوعي ... حتى في اليوم العاشر...


خرجت الطبيبة من حجرتها وهي تقول :


آسفة ... لم يكن لديه الكثير لتبقى .. فقد فارقت الحياة منذ قليل ...


تفأجات يومها بوفاة والدتها وخصوصا لما تفوهت به الطبيبة كان أشد ألم بها ...


ذهبت إلى سريرها أخذت تقترب منها أكثر وأكثر ... حتى رفعت عنها الوشاح الأبيض لترى بيضاءهـا ميلت إلى اللون الزرقة ...


كأنما هي مريضة ... .. لا تعلم لماذا اكتسى لون إطرافها بالزرقة ...


مدت يداها لتحضن كفها وهي تبكي بأعلى صوتها ... بكت طويلاً ... رثت لحالتها كثيراً ...


كانت تنام بإبرة المهدآت ... وتفيق من إغماء إلى سهاد ... تغيرت حالتها وتبدلت كثيراً ...


فأحتضنها أختها لطيفة وهي تنظر إليها بابتسامة عذبة ...وبرأة طفولة تنظر إليها ..


ولو كانت تعلم ماذا حصل وحل بهم لما ضحكت ولما ناغت بأصوات جذابة .. بل ربما بكت .... من أعماقها ...


احتضنتها بقوة وسال دموعها بغزارة وهي تترجاها أن تسمح لها ... أن تحس لها ...


ولكنها كانت تلهو مع نفسها غير مبالية لما يجري حولها ... صرخت بقوة وأطلقت العنان لعينيها لتسيل من مقلتيها دموعها الدافئة ..


فجأة دخلت أمها وهي تحتضنها قائلة :


أبنتي هيلة ... هيلة ... ما بك ... أأنت بخير ..؟؟


توقفت برهة من الوقت قبل إن تجيب ... وهي تمد أناملها لتتحسس موضع كف أمها ... لتتحسس ولتتأكد من أنها بجوارها ... تحسست بطنها المنتفخ بشدة فنظرت لما بين ذراعيها لتجد وسادتها قد بللت بدموعها العزيزة ..


ظلت برهة من الوقت لم تتفوه بشيء وهي تحاول إن تستوعب ما حصل لها .. حتى همست لها قائلة :


أمي ألم يحن موعد ولادتك بعد... ؟؟


أهـ .. يا أبنتي ... مازال هناك أسبوعاً أخر ...هكذا أخبرتني الطبيبة ..


أمي .. عندما تلدين أرجوك خذيني معك إلى هناك .. أرجوك لا تدعيني ...


نظرت إليها بحان ثم قالت وهي تمسح دمعتيها :


حبيبتي ... لا تقلقي ... سأخذك معي ... أنت وأخيك فيصل ..ولكن أبي .. ( قاطعتها بخوف ) :


لا تخشي شيئاً .. فهذا وعد مني لكما ..


بكت حينها واحتضنتها أمها طويلا وهي تقول بود أكبر :


أنني انتظر هذا بفارغ الصبر ..
" ......... تمت ........ "

3 التعليقات:

رحمة الشهري يقول...

لله درك ياعبير ما أجمل القصة

جدا أعجبتني وأنتظر صدور كتابك لقرأة المزيد من قصصك المشيقة

Kamal - Syria يقول...

The story of a very Wonderful


Kamal - Syria

غير معرف يقول...

:)

جميـل جداً

أعجبني أسلوبك بحــق .. !

غيـــدآء