قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

الجسر المعلق

on الثلاثاء، 23 يونيو 2009



تنهدت بعمق لتقول بعد إن نفذ الصبر منها
آه ... أعوام طويلة مرت .. ولم أشعر بها .. ، يا ألهي لا اصدق ... كم مضت معها من الذكريات والمواقف الصعبة والمضحكة أيضاً ...
كم لحظة جميلة وفترة بسيطة .. أصبحت محفوظة في الذاكرة ، ليحيطها أطار من أروع الأيام وأجملها ... آه .. يا لها من سنين
تسارعت الواحدة تلو الأخرى .. دون أن أجني شيئاً ... وها أنا الآن وحيدة في هذا المنزل ..
بعدما ذهب الجميع وابتعدوا عني .. كل واحد قد سار في طريه الذي سلكه ،آه لقد اشتقت إليك يا أبنتي الغالية ، ترى ما حالك الآن ..؟؟
هل أنت بخير ... ؟ هل تشعرين بالسعادة مع زوجك وبين أبنائك ؟ يا ألهي كم يبلغ عددهم .. هل هم صغار أم كبار ؟ أهم يشبهونني عندما كنت صغيرة أم يشبهونك ، أم يشبهون زوجك ؟!
أبعدت مجموعة من الصور الخاصة با أبنتها لتجد صور زفافها .. هتفت بلوعة :
مازلت أتذكر أبيكم ، حينما قدم لخطبتي ... كم كنت حينها سعيدة ، لا سيما أننا عشنا قصة حب برئيه منذ الصغر .. نعم أتذكره جيداً
كنا أصدقاء وكنا ندرس في مدرسة واحدة إلى الآن التحقنا بجامعة عين شمس ... كانت سعادتي كبيرة ، كانت تجمعنا المكتبة التي شهدت أروع لحظاتنا ...
يا لها من ذكرى جميلة ... كم كنت أحبه ..
كم بادلني من المشاعر الصادقة إلى أن أتى هذا اليوم الذي جمعنا في بيت واحد ، برباط مقدس
لم يكن لقصتنا مثيل خاصة بعد أن أبتعث ليكمل دراسته وقرر أن يؤجل رحلته ، لكني رفضت وأصريت على إكمال دراسته ، تحولت إلى طالبة منتسبة وسافرت معه إلى بلاد الغربة ، هناك كم شعرنا بالوحدة وكم حنينا إلى الوطن الكبير ، لكننا أستمرينا في العيش وأنجبت وائل ثم كمال وأخيراً منال .. أبنائي الأعزاء .. متى سيجمع الله شملكم ، بعد أن ذهب كل واحد منكم إلى جهة
بودي لو أراكم ساعة ... نعم ساعة واحدة تكفي ... ساعة لا أكثر
احتضنت صورهم وهي تطلق زفرة طويلة من صدرها الحاني وتنساب الدموع من عينيها ...
ازداد قلبها ولعاً ونفسها عشقاً ، بفلذات كبدها
التهبت مشاعرها وجاشت عاطفتها وأمومتها .... لم تعد تطيق ، فقد طال انتظارها وسط مناشدتها اليائسة شعرت بأن ما ترغب به هو حق لها ، ما تطلبه ليس مستحيل ولا كثير فهي تود القليل ... القليل فقط ..
منذ زمن ، لم تسمع عن أخبارهم شيئاً ... لا تعلم ... عن أحوالهم أي شيء ... ، داهمها حزن عميق ، تفطر قلبها ألماً ....نهضت بحسرة كبيرة ، أخذت تسير في أرجاء المنزل متكئة على العصا الخشبية في يدها ..
أصبح المشي أمراً ثقيلاً ... توقفت للحظات تتأمل صور شتى معلقة في كل زاوية ، توقفت بصمت أمام صورة كبيرة كساها التراب والغبار ... اقتربت أكثر ... أخذت تمعن النظر
مدت يدها حاولت مسح ما استطاعت مسحه
رأت بعينيها الذابلتين صورة تجمعها هي وزوجها بأبنائها الثلاثة ... على الجسر المعلق ، في روما .. تذكرت تفاصيل تلك الرحلة الممتعة وسط المناظر الخلابة ، والأشجار العالية تساءلت :
هل مازالت روما كما هي أم أنها تغيرت كما تغير حالي ، تراجعت إلى الوراء بضع خطوات لتعيد للذاكرة ما أندثر عبر الجسر المعلق ، كان أبنها وائل وقتها لم يتجاوز الخامسة وكمال الثالثة ومنال في عامها الأول .. صور لطفولة برئيه بملامح الفضول والشقاوة .. .أخذت تتأمل بصمت هادئ ، حتى أنكبت على مقعدها المتأرجح لتطل على النافذة التي توقف عليها ثلاث عصافير بألوانها الساحرة .. تأملتهم مليئاً ... وإلى أنغام لحنهم أنصتت ، سقطت عيناها على صورة أبنها وائل في أول مراحل الدراسة بلباسه الجديد وحقيبته الصغيرة وهو يقبلها بحنان
لم تنسى تلك اللحظات السعيدة ، هتفت باشتياق متزايد
هل سيعود إليّ يوما ً ... منذ فترة وأنا لم أراه لقد علمت منذ ما يقارب العام ، أنه رزق بطفلة
ليتني أراها .. فمنذ ولادتها وحتى الآن لا أعرفها ..
كيف هي الآن ... هل تعلم بأن لها جدة ترغب في رؤيتها ... وتقبيلها ...آه ... حفيدتي ..
ليتك أمامي ، سأخذك وأحتضنك هنا .. هنا ... في صدري ...
احتضنت صورة أبنها طويلاً .... وسط دموعها الساخنة وهي تردد بعمق :
يا ألهي كم هي الحياة قاسية
أنا الآن وحيدة خلف هذه الجدران ... وحيدة
يا ألهي .. كم هي الحياة قاسية ...!!!


" .... تمت ..."

3 التعليقات:

بنت أبوهـا يقول...

روعة القصة

يسلموووو غاليتي


دمت ،،

سهام المحبة يقول...

مرة القصة روعة
فيها شيء من الخيال
والروعة بأمتجاج الذكرى والأحداث

جداَ استمتعت بالقصة أختي عبير


مع أطيب الأمنيات

خديجة العمري- شعبة الأدب و البلاغة يقول...

ياالله كيف القصة مؤثرة

ورائعة مرة


فعلا أحساس الأم صعب للغاية خصوصا لما تتذكر أبنائها وهم بعدين عنها

أستاذتي عبير

أتمنى لك المزيد من الأبداع والتميز