قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

أنا حامل ( من كتاب عاشق من لون أخر)

on السبت، 6 يونيو 2009



حظ أم نصيب هذا الذي حصل لها ؟ .... حسد أم غيرة هي واقعة فيه ؟ .... قضاء أم قدر قد كنت لها هي دون غيرها قد وقع بها ؟
تسأولات عديدة وافتراضات كثيرة ، احتمالات ضئيلة .... ونتائج نهائية ... كل هذا كان يدور في خلدها وتفكيرها ... يأس قاتل وفشل كبير ... هموم وأحزان .... لقد مضى على زواجهما سنتين ولم تنجب له طفلاً
تشعر بألم بالغ حينما ترى غيرها من النساء الحوامل ... أو يحملن أطفالهن بحب ورعاية مليئة بعاطفة الأمومة
تشعر بغصة قهر في حلقها ، عندما ترى زوجها يحتضن بحب أبناء أخيه الأكبر ،خصوصا من كان في عامة الأول ومن كان يستطيع القول بضع كلمات قصيرة ... تتألم بشدة حينما ترى أخواتها المتزوجات أنجبن وهي لم تنجب بعد ...
احترقت بشدة حينما تزوجت أخت زوجها الصغرى بعدهم بعام وها هي الآن بحضها طفل رضيع .... تلاحقها أصابع الاتهام ...
تطاولها أعين الشفقة والرحمة ، يشار إليها بالبنان
وضعها على كل لسان ، لم تعد تحتمل أكثر الوضع المخيف ،
خصوصا وإنها تسمع من بعدي بأن زوجها سيتزوج بأخرى كي تنجب له ..
سأمت ، ضجرت ، احترقت ... فشلت .. وفي النهاية الأمر كما هو عليه ...
لم يتغير شيء قط ... همست لها أحدى صديقاتها الحميمة بأن تجرب الذهاب إلى طبيب شعبي يداوي الناس بالكي
...والحرق ، والأعشاب والبخور والماء المقرؤء عليه .. نتائج فعالة ، احتمالات واسعة ... أمل كبير ، وحلم أكبر
تلك أنجبت توأم ، وأخرى أربعة وثانية أنجبت بعد سبع سنين .... وتلك بعدما طافت على جميع المشافي
حملت منذ الزيارة الأولى .... وأخرى طابت من عقم دائم .... وثالثة أسعدت قلب زوجها بثلاثة ذكور .. و... و..
صرخت بأعلى صورتها:
كفى ... كفى ... لا أريد سماع المزيد ... لا أريد أخذت تبكي وبحرقة كبيرة
تجر معها أذيال الخيبة والفشل دخلت إلى منزلها بهموم ومتاعب كبيرة
أثقلت كاهلها ، سارت نحو حجرتها بخطوات ثقيلة ...... استلقت على السرير واستغرقت في نوم متقطع
أحلام مزعجة ، وكوابيس قاتلة ، مشهد متكرر لزواج زوجها بامرأة أخرى ، تندم كثيراً ........تخاف بشكل كبير
مازال لديها أمل صغيرة في أن تنجح بهذا ، تتلقي اللوم والعتاب من صديقاتها ... كلما اتجهت إلى مكان يتهامسون سأمت .. تصبب جبينها عرقاً غزيراً .... نهضت وهي تصرخ بعمق كبير :
لا .. أرجوكم .. دعوني وشأني .. دعوني
أخذت تبكي بألم وقهر كبير .... عاد زوجها ، فتحت له الموضوع كاحتمال أخير وحلم بعيد، تردد كثيراً ، أطال في التفكير ، وافق لها أخيراً على أمل التخلص من كابوس مزعج يلاحقهما أينما ذهبا .... وبالفعل ركضت مع صديقتها إلى الطبيب الشعبي لتتحقق أحلامها على يديه
وينفجر عطائه بما سيفعلها ...... أمل يتراءى لها من خلف السراب
سعادة كبرى تتألق في أمالها الواسعة ........ المكان مخيف بشع للغاية ، أشكال غريبة
أصوات مرعبة ، يفوح من المكان رائحة نتنة
دخلت إليه ، رأته هو الشيخ أو طيب الأعشاب كما يسمونه اشد قذارة من المكان
كأنما هو ملك الموت بشكله المفزع بجواره قوارير و أواني ملأت بأعشاب متيبسة ، بعضها قد طحن كدقيق والأخر مازال في طريقه غليه .. طرق بدائية ومعدات حديدية في وسط جمر
يحيطه ضباب كثيف بألوان مخيفة ، لم تحتمل هذا المنظر المفزع فأغمي عليها من شدة الرعب ، وفي المساء أستيقضت بعدما أحسست ببضع قطرات ماء باردة تنثر على وجهها ..
أخذت صديقتها تحادثها بخوف وأمل كبير :
نوير ... هل أنت بخير الآن ..؟
أه ... ماذا حصل .. أين أنا الآن ...!
أنت الآن في منزلي ، لقد خشيت عليك فجلبتك إلى هنا
لماذا ؟ ماذا حصل ؟ آه صحيح ، ماذا فعل الطبيب
ألم يقل شيئاً ...ألم يخبرك بأمر ما
مهلاً عليّ .. ما بك ... كل ما في الأمر أنه طلب منك إعادة الزيارة لمرة أخرى وتجلبين معك بعض النقود الورقية تقريباً ، ألف ريال ...
ما هذا ... أليس المبلغ كبير يا أسماء
لا بأس ، كل شيء سيهون عندما يتحقق حلمك الكبير وأملك الوحيد ، وترين طفلك أمامك
صمتت وتنهدت بعمق وهي تسترجع الذكريات وتقلب المواجع السالفة
فقررت المضي قدما والصبر ، فما بقي على تحقيقه إلا القليل
هكذا توالت الزيارات واحدة تلوى الأخرى
نقود كثيرة ، من اجل مواد غريبة لأعشاب مختلفة الأشكال بحرارة طعمها اللاذع ، كانت تداوم عليها لفترة قصيرة ، حتى آتى يوماً دخلت فيه حجرتها بألم في قدميها
كانت كمن وضع فيها كتلاً ثقيلة من الحديد ، تمشي بصعوبة ، تتعثر في خطواتها بالإحباط ، منذ أسبوعين ولم تشعر بشيء ، الوضع كما هو عليه ... لم تظهر بوارد ما ، تعلم أنه يحتاج منها وقتا طويلاً لتحقق هذا الحلم
مع أنها تلتزم بمواعيد الدواء .. تعلم بأن كل ما فعلته قد ضاع سدى
لم تظهر نتيجة مطمئنة إلى الآن،
بدأت مخاوفها تزداد قليلا وسؤال كبير تطرحه في نفسها " ماذا لو لم أنجب "
تنفست بصعوبة ، عندما أحسست بكلمة عقيم ، كحبل متين يخنق فؤادها وكسهم يغرس في قلبها ، تتمزق ألماً وحسرة .... كلمة ستحول حياتها إلى جحيم لا يطاق
تردد برعب هائل : أ أنا عقيم ..عقيم
يزداد الألم حتى يصل إلى صدرها ، عندئذ تشعر بصعوبة حقيقية في التنفس وهي ترى هذه الكلمة تتردد كصدى في نفسها ، انتابها يأس شديد وحالة بؤس كبيرة .. فقدت صوابها عندما أدركت بأن كل شيء قد انتهى
كل شيء ... حتى الأمل المتبقي ضاع ... صرخت بحدة وبطريقة لا إرادية ، أخذت تضرب على بطنها بقوة وهي تردد بأعلى صوتها وتبكي وتلطم :
لماذا ..لماذا ؟.!
سبب واحد تجهله تماما .. هو " لماذا لم تنجب بعد "
لماذا لم تنجب كبقية أخواتها ... كبقية اخوة زوجها
كمثل نساء العائلة ، كمثل أي امرأة في الدنيا ؟
صرخت بألم بالغ حينما تمكن بها
شعور بدوار وضعف يسري ببطء إلى جسدها
بدأ نبض قلبها يضعف شيئاً فشيئاً
خارت قواها لتسقط مغشية عليها بلا حراك .... بلا همس .. بلا أنين .. صممت مطبق
لا حياة فيه ولا أثر ... ثوان معدودة حتى دخل زوجها... روع من المنظر ، فزع بشدة ، تحسسها ، نبضها ضعيف يكشف عن وجود أمل في بقائها على قيد الحياة .. أسرع بنجدتها
أدخلها إلى قسم الطوارئ .. لم تكد تقع عيني الطبيب بها حتى ذعر بخوف ، فأدخلها إلى غرفة العمليات بعدما أجرى الأشعة والفحوصات بصورة عاجلة
أجرى لها عملية لغسيل المعدة وعملية أخرى بعد أن انتابها نزيف حاد أسفل الرحم
طال مكوث الطبيب لديها ، ليضل هو في حالة مضطربة ... أخذ الخوف يدب في قلبه وسيطر الارتباك عليه ... دارت الاحتمالات في عقله ... ليزداد بذلك توتراً شديد ... فجأة خرج إليه الطبيب في حالة عصبية قائلاً .. :
هل أنت زوجها أيها الرجل ..؟؟
نعم أيها الطبيب .. هل هي بخير الآن ..؟؟
لا اعلم أين كنت عنها طوال وقت سقوطها ... ولكن للأسف فقد فقدنا الطفل ..، أما الأم فهي بحالة حرجة .. وأدعو الله أن يعوضها بخير منه .. ذهب عنه .. بينما ظل هو في حالة من الصدمة والدهشة الكبرى ... لم يستوعب شيئاً مما قاله سوى فقد الطفل ( طفل ) ردد بهذا كثيراً .. حتى قال في نفسه :
أيعني أنها كانت حامل .. حامل ... لا غير معقول ... لقد قال لنا الطبيب من قبل بأنها حالة عقم شديد ... ، ولن تنجب إلا بعد مرور وقت طويل ، ولقد سألته ذات يوم حتى قال لي يبدو إن علاجها يتطلب فترة أكثر من خمس سنوات ... وكيف تفقد طفلاً ... طفل ... هذا ما قاله الطبيب منذ قليل ... تصادمت الأحداث في رأسه .. وتصارعت الأقوال في ذهنه ..
لتخلط الأحوال أمامه بطريقة متناقضة .. مضى نصف الوقت تماماً .. ، ذهب إلى غرفة الطبيب الخاص ... طرق الباب مستأذناً بالدخول :
أذن له قائلا: تفضل بالدخول ... تقدم إليه بضعت خطوات أمامه قم قال له بنوع من التوتر والشك به ...
لو سمحت لي أيها الطبيب ... أ أنت متأكد مما قلته قبل قليل ..
أقصد ... ، بأنها فقدت طفلاً ..
نظر إليه الطبيب بعض الوقت وهو صامت ثم قال :
يبدو انك لم تكن تعلم بأنها حامل منذ ثلاثة أشهر .....
وكلنها عقيم فكيف ستحمل طفلاً في أحشائها ... ؟
تعجب الطبيب ثم قال :
عقيم ... ومن قال لك ذلك ..؟
الطبيب .. الطبيب قال لنا هذا ..؟؟
أجاب مذهولاً مما قاله ..
طبيب ...، أي طبيب هذا ، يشخص لها خطأ ...، فقد عرض حياتها للخطر ، أضاف إلى هذا بأننا وجدنا في بطنها أشياء تضر بصحتها وصحة جنينها ، يبدو أنها كانت تستخدم أعشاب غريبة ..
أو أدوية قديمة .. لقد كادت إن تصاب بحالة تسمم خطيرة .. لولا رحمة الله وعنايته لكانت قد ماتت ... ، هذا شيء مؤكد ..وإن نجت لكان استأصال رحمها أولاً قبل كل شيء ولكن الله تولاها برحمته وعظمته ..
وكيف هي الآن ... أعني أ مازالت في حالة حرجة .. اقصد أهي بخير
قالها والخوف والارتباك واضحاً عليه ... حتى قال له :
أنها الآن في صحة أفضل من ذي قبل وهي الآن في العناية المركزة لعدة أيام حتى تتماثل للشفاء التام .....
شكره على جهوده المبذولة وإحاطته بأحوال مرضاه..
ذهب إليها ، كانت نائمة ، خراطيم وأنابيب دقيقة تنتشر في جسدها ، جلس بجوارها بعدما سحب مقعداً كان بقربها ، أغرورقت عيناه بالدموع حين تذكر فقدان الطفل ، وكلمة عقيم هذه التي حولت حياتهما إلى شيء لا يطاق ، تخلل بأنامله خصلات شعرها الحريري ، تأمل ملامحها بدت في حالة تثير الشفقة ...
هتف بحب وحنان وهو يتطلع عليها :
مسكينة أنت يا نوير .... تعبتي كثيراً من أجلي .. حاولت إسعادي ، مع أن الدواء كان كالعلقم بالنسبة لك ، مع ذلك تحملت وصبرت ..لم تكوني تعلمي بأنك حامل .. يا للأسف ..
فقدنا طفل كان في طريقه إلينا ..
وقف عند باب الحجرة ، ضرب بقبضة يده الباب بقوة نزفت يده بالدماء .. ، هبت الممرضة عندما رأت ذلك بالقيام بإجراءات الإسعاف الأولية له
تعذب كثيراً كلما تذكر ما حصل ، صرخ بشدة وألم :
يا لي من أحمق كبير ، كان يجب أن أرفض طلبها هذا أن لا أرضخ لتوسلاتها الكثيرة وبكائها الدائم ..
ما كان علي أن أستجيب لطلبها ، أسخيف أنا ، كنت خائفاً من هذا ، أنهت الممرضة واجبها ... كما انتهى من قوله
ذهب إلي المنزل ، ألقى جميع الأعشاب والأدوية في القمامة بعد ما شعر انم ابذله من مال قد ضاع سدى ... شعر بالندم الكبير ، مضت أيام قليلة حتى استردت عافيتها قليلاً نهضت لتتلقى الخبر كأكبر صدمة في حياتها .. رددت بصوت واهن " أنا حامل " .. حينها كبت بعمق ... بعمق كبير ، مضت أسابيع ثقيلة عليها ، يأس وكآبة قاتلة ، خيبة ، وقهر شديد كلما تذكرت الموقف بين فترة وأخرى
توالت الأيام والشهور .. لتداهمها أعراض الحمل بقوة ، ولما ذهبت إلى المستشفى تبين خبر حملها ، كانت فرحة كبيرة لهما ، لا يمكن أن توصف أبداً لتعود طيور السعادة ترفرف شيئاً فشيئاً ... بدأ بطنها بالانتفاخ حتى حان موعد ولادتها ... لتنجب طفلة جميلة أدخلت الفرحة والسعادة في قلب والديها وفي قلوب العائلة جميعاً ...


" ........ تمت ....... "

5 التعليقات:

نهـى عبد اللـه يقول...

أكثر من رائعة

بوركت ،،

سـعاد - الرياض يقول...

سلمت يمناك أستاذتي عبير

وأتنمى لك التوفيق دوماً

د. نورة محمد يقول...

ماشاء الله قصة في القمة
وتلامس الواقع لكثير من النساء

أبدعت غاليتي بجديدك ..


أتمنى لك التوفيق

د. نورة محمد
جامعة الملك سعود

هناء - مصر يقول...

دي قصة عجباني كثير

ماتتصوريش اد أيه أحنا بنعاني بالأمر الزواج والحمل خصوصا

القصة جميلة أختي عبير


ربنا يخليك يارب

هناء - مصر

غير معرف يقول...

بهاء حرفك قد طغى
وزادني بهاء على بهاء
بارك الله حرفكِ
فأنت مناره للأحلاق والجمال
..
دمتِ بخير

سناء البحيري