قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

الحب الصغير

on الاثنين، 3 أغسطس 2009




أخذ يطرق باب حجرتها بقوة .. .. مضت لحظات ... لا صوت فيه ... .. لم يسمع أنينها المعتاد .. هدوء غريب يسكن غرفتها .. أصر أن تفتح له الباب ..أخذ يطرق بشدة ... لم تجيبه .. أحس برعشة سرت في عروقه ..... أخذت المخاوف تنتابه حينما طال وقوفه ولم تجيبه ...ردد بصمت " لا بالتأكيد هناك شيء يحصل بالداخل ..." طرق حينها الباب بقوة أكثر .. .. لم تصدر صوتاً .... فقرر كسره .. وجدها هناك ..كالأميرة ... بل .. كالملاك .. نائمة ؟ أقترب منها ببطء ... يتأمل نومها كالطفل البريء ...وضع يداه على جبينها في خفة وهدوء .. أحست به .... فتحت عينيها برقة .. وبصوت خافت قالت : عبد الله ... ؟ ماذا تريد... ؟؟ ... دعني أنــام بسلام ... ! .. ما إن سمع هذه الكلمات إلا وسرت تلك الرعشة في عروقه مرة أخرى ..أخذ نبض قلبه يضرب بشدة ... حملها وأسرع بنقلها إلى سيارته .. وما أن أدر محركها حتى اتصل بأخيه فيصل ... أتى له الصوت من مكبر الصوت ... قائلاً : فيصل أسرع تعال إلى أقرب مستشفى .. أتاه صوته متقطعا بعض الشيء .. : مــاذا ...ما الذي حصل .. هل حصل مكروه .. ما بك لا تجيب ...عبد الله ...عبد الله ..قطع اتصاله بعد أن سمع همساتها وهي تردد : سوف أموت ... دعوني أموت ...بسلام .. دعوني ...!! بعد ساعتين كان هناك يقف في رجاء .. وهو ينتظر الطبيب ... من حجرة الطوارئ .... أتى فيصل مسرعاً إليه سألاً إياه ... : عبد الله ...ما الذي يحصل ... من هنا ... ؟؟؟ أنها أختك ... أختك الوحيدة والصغرى ... " باسمة " " باسمة " ........ ما بها ... هل هي بخير .. ما الذي حصل لها ..؟؟ قالها بخوف وهو يمسك بقميصه بشدة فأبعده بيديه قائلا .. : لا أعلم ..لقد كانت في حجرتها ولم تخرج كمثل عادتها .. خشيت أن يكون مكروه قد حصل لها .. فلما أتيت وجدتها نائمة ولونها قارب على الصفار ... كانت أطرافها باردة .. وهي في حالة هذيان ... لا أعلم ما الذي حصل لها ... ...؟؟ جلسا في أقرب مقعد قريب لهما ... خرج الطبيب بعد ساعة من الانتظار .. نظر إليهما بعين غاضبة .. أطرق فيصل رأسه في أسى .. وتطلع عبد الله في وجه بانتظار ما سيخبرهم عنها .. لا يعلم لماذا شعر فجأة بالخوف الكبير .... خاف أن يخسرها... ! فسأله الطبيب .. : ما صلة قرابتك بالمريضة " باسمة " ... ؟ .. رد عبد الله: أختي .. قال الطبيب: أختك يا أخ عبد الله مصابة بانخفاض حاد في ضغط الدم .. كما أنها تعاني أيضا من فقر الدم ... ! أظنها لم تأكل شيئاً ليومين ...!! لم يستمع ما قاله الطبيب بعد ذلك ...انحدرت دمعة ساخنة من مقلتيه .. كيف حدث هذا ..؟؟ كيف سمح لنفسه أن يهمل هذه الوردة التي كان منزلهم يزهو بها ... ! بضحكاتها وبسماتها .. بخفة دمها .. وطيب قلبها ...كانت تملأ البيت فرحا .. وحركة .. ..لام نفسه بشدة .. كان عليه أن يفهمها .. هو بالذات ... من بين الكل كان هو الوحيد أقربهم إلى قلبها .. .. تذكر كل الأيام التي ركضت إليه ودموعها على خدها .. تشتكي من هذه ومن ذاك وكان هو من يمسح دمعتها ..ويضمها في صدره بحنان كبير ... تسأل في نفسه في لوم وقهر .. : لماذا تركها تأن لوحدها اليوم . ... ؟!! لقد كانت بحاجة إليّ .. اليوم كانت ستذبل وردتي الجميلة .. ببسمتها الساحرة ... اليوم كنت سأفتقد روح أبي وأمي .. من بعدها ... تناهى إلى مسمعه صوت الطبيب الذي اخذ يطمأن أخيه فيصل قائلاً : كلا ... الحمد لله ... لقد تجاوزت الآن مرحلة الخطر .. هي الآن أفضل من قبل ...ولكن هل كان هناك من أحد يرعاها في غيابكما ... طأطأ فيصل رأسه في ألم وهو يجيبه : كلا .. على العموم .. سنستبقيها هنا ليومين أو ثلاث حتى تستقر حالتها .. ورجاءً إن كان هناك أي موضوع قد يؤثر على نفسيتها ... علينا الحذر منه فحالتها لا تسمح بمزيد من المضاعفات ! شكرا الطبيب .. ودخلا على أختهما .. نظرت إليهما بعيون واهنة .. قد أغرقت من مرارة الدمع والحزن ... ولكنها أمطت ابتسامة صفراء وهي تمسك يداه بضعف .. عبد الله ..... شكراً لإنقاذي ..!! فأشاح بوجه عنها بألم ..لم يستطع كتمانه والبوح به .. أدركت في نفسها ما يشعر به ... فهمست له بود : لم أرك مذعوراً في حياتك مثلما أرك الآن ... لم أنسى تلك اللحظة التي طلبت منك أن تتركني أرحل بسلام .. !! لم أنسى نظرتك تلك .. لقد شعرت بك .. وبخوفك عليَ عبد الله ...أنت أخي ... وصديقي .. وأبي ...!! نزلت دمعته حينما ردت بكلمتها تلك .. ودفن رأسه بالقرب من وسادتها وهو يخفي ألم وخوفه وحبه الكبير لها .. تطلعت عليه بعينيها المتعبتين وهي ترسم ابتسامة عذبة على شفتيها ردت روح أخيها فيصل بفرح ..وهو يقبل جبينها ... هامساً لها بود .. : باسمة ارتاحي الآن .. لقد تعبتي كثيراً لليلة أمس .... كادت أن تجيبه ولكنه امسك بيديها ووضع أصبعه في شفتيها قائلا بهدوء وحب : ليس الآن ... ليس الآن .. حينما تخرجين سوف نطلب منك شرح وافي عما حصل لاحقاً ..ولكن ليس الآن حبيبتي ... نامت باسمة بهدوء .. وابتسامتها العذبة لا تكاد تفارقها ..فأستغرق عبد الله في تأمل أخته الصغيرة إلى أن نال منه النوم أيضاً مع أخيه فيصل الذي نام بشكل مضحك على كرسي قد ضاق على جسده .. وفي اليوم التالي ... زقزقت عصافير الصبح كعادتها طرباً ونشوة .... ودغدغت أشعة الشمس وجه باسمة .. فتحت عينيها فوجدت أخويها بالقرب منها عبد الله مطرق الرأس .. نائماً .. وفيصل نائماً باتجاهه المعاكس ... .. حاولت أن تنهض بهدوء فأيقظت عبد الله .. فتح عينيه بصعوبة .. بعد ثوان من الوجوم والحيرة والتعب تذكر أحداث ليلة البارحة. فسألها وهو يسحب ستار النافذة ليسطع سحر الصبح على وجه أخيه فيصل ..الذي نهض بعد أن حرقته أشعة الشمس الصغيرة : كيف حالك اليوم يا أختي الغالية؟ أشعر بتحسن كبير .. و بنفسية مرتاحة جداً .. طبعاً أيتها الشقية .. أخفتنا يوم أمس .. كدنا أن نجن .. فقاطعه أخيها فيصل والنعاس يغالب أنفاسه : .... لما أضربتي عن الطعام ليومين .أكان الفلفل قليلاً.. أم الملح لا يكفي ....؟ ابتسمت بعذوبة لخفة دم أخيها ومرحه الدائم ..ولكنها أطرقت رأسها خجلاً ... بعد أن نظرت إلى عيني أخيها عبد الله الذي يتأملها بعطف وحنان متزايد .. تطلعت بعيناها اللوزتين كأنها تريد أن ترسل من خلالهما أسفها الشديد .. أمسك عبد الله بيدي باسمة .. وبكل حنان .. سألها: ماذا حصل لك ؟؟ لماذا لم نعد نشعر بابتساماتك المشرقة كثيراً وروحك المرحة ؟؟!! أدركت أن الوقت قد حان لتفصح عن ما تشعر به لأخيها .. .. صديقها وأخيها ... وكاتم أسرارها .. وقائدها .. أجابت وهي تحاول أن تخفي من حروفها خجل المشاعر : سأخبرك عن ما حل بي .. ولكن أرجوكما عداني ألا تحرماني من سعادتي .. ماذا يا باسمة أخبرينا نحن أخويك .. لا تطلبا مني أن أقوم بما يصعب علي تحمله ..؟؟ رد عبد الله بتلقائية : طبعاً أعدك يا أختي الغالية .. وبقيت علامة استفهام كبيرة في وجه أخيه فيصل ..!! رددت بخوف لم تستطع إخفاءه من عيناها : أتعدني ... بأعز ما تملك .. تطلع إليهما فيصل بتعجب وهو يقول : ماذا اخبرينا .. فأردفت قائلة وأنت يا فيصل أتعدني . .. أعدك ... أعدك ولكن بماذا ..؟؟ عبد الله ..فيصل .. أنا أحب .... ! وقبل أن تقول أي شيء رجاءً اسمعني للنهاية .. تطلع فيصل إلى أخيه عبد الله الذي بدأ هادئ بعض الشيء ..فتطلع لها مستفهما بما يحدث ..فأكملت لهما قائلة وهي تتطلع عبر نافذتها الصغيرة بود وشيء من اللوعة : شاب طيب خلوق كتب الله له أن يولد في عائلة فقيرة جداَ ..أباه سجن لكثرة الديون المتراكمة عليه .. وأمه تعمل خادمة في أحدى المدارس الحكومية ولكنه رائع .. وان كانت ظروفه قاسية عليه .. لم أكون قاسية عليه أنا أيضا بقلبي وحبي له .....أعلم .. أن جميع قوانين مجتمعنا لن ترضى بالمساواة ..و أعلم أنكما ستحاربني إن أنا فكرت ولو للحظة الارتباط به .. ولكني أحبه .. وسأظل أحبه حتى لو رحلت عنكما .. .. بدأ الانزعاج على وجه أخيها عبد الله الذي حاول أن يخفيه فأجابها : ما زلت صغيرة على هذا الكلام .. والحب هي مرحلة جميعنا مررنا به ... ولكن لم تخرج منه غير ألم الفراق والبكاء .. كلا ... لم أعد أختك الصغيرة .. أصبحت كبيرة بما يكفي لأختار وأقرر بحياتي .. قاطعه فيصل قائلاً : ولكن يا باسمة ...كل ما قلته لا يكفـ أعرف ما هو رأيك في ما أقول .. وأعرف أن الجميع بلا استثناء سيرفض ...وأعلم أنكم ستطلبون مني أن أنساه .. أعرف كل هذا ولكن لا .. لكن أكون قاسية إلى هذا الحد بقدر ما قست عليه الحياة .. فأنا له ..وسأكون له ...حتى لو كلفني هذا عمري كله .. أطرق عبد الله رأسه بصمت بينما اخذ أخيها فيصل يردد بذهول : أنظر يا عبد الله ما الذي تقوله أختك باسمه .أتراها جنتُ .. ما الذي يحصل ..كلا مستحيل فأجابه فيصل اهدأ أرجوك ..دعني أفكر بالأمر ..قد تكون باسمة محقة .. طالت نظرات الدهشة من عيناي فيصل وهو يجيبه : محقة ... ما الذي حصل لكما .. ما هذا الكلام .. أمسك بكتفيه وهزه قائلا : فيصل .. هل يهمك سعادتك أختك .. أم حزنها ... هل تتركها تموت وتذبل أمامك .. ولما .. من اجل كلام المجتمع .. ماذا عنها .. دع المجتمع يفعلوا ما يريدون ولكن سعادة أختي هي الأهم بالنسبة لي .. أخذ فيصل ينظر إليه بصدمة .. أحس وقتها بتضارب كبير بين عقله وقلبه .. عقله لا يسمح بما تقوله أخته .. هي أخته ولا يريدها أن ترتبط بمن هو بائس فقير ...فكيف يسعدها ...الحب وحده لا يكفي للعيش معاً .. هي مازالت صغيرة . ولن تستطع التحمل في سقف فقره .. وتتركه حتما .. ستعود إلينا مطلقة ..لماذا .. لماذا نسمع كلام فتاة صغيرة أختلط بها روعة الحياة والحب للواقع . .هي لا تدرك ما الذي سيحصل ..لها مستقبلاً . هذا شيء غير مسموح بكل الأعراف . والأجناس ..!! ولكن قلبه رق لحالها .. هو يعرف كيف يمكن للحب أن يكون مؤلماً .. كيف يسكن روح المحب ويستنفد كل طاقته وسعادته .. أخته الصغيرة وصورة لأمها الجميلة .. وديعة حنونة .. ملأت البيت لهم فرحاً وسعادة ... مضى مسلسل حياتها الصغيرة أمامه بكل تفاصيلها الرائعة !! فأجابه لها بود وحب طاغ : باسمة ....لست مجبوراً على إعطاء رأيك الآن . .. فلننس الموضوع .. المهم الآن متى ستخرجين من هنا .. فأجابت بشقاوة ومرح ...: اسأل عبد الله متى سيتم إخراجي من هنا .. أنا جائعة وأحتاج للحمام !! لقد أخبرنا الطبيب بأنك ستخرجين اليوم .. ولكنه سيأتي للإشراف عليك مرة أخيرة وبعد يومين ..عادا إلى المنزل .. وكلاهما يبحر في عالم أخر .. باسمة تبحر في بحر الحزن الذي سكن قلبها .. وعبد الله وفيصل يبحران بالحيرة القاتلة ،كل يوم يهمسان عماَ يمكن تقديمه لأختهما الوحيدة .. وكيف لهما أن يتصرفا ... وأخيرا قرر فتح الموضوع لها وإعطاءها القرار الصائب ..! أتت باسمة بخطوات خجلي نحوهما وهي مطرقاً الرأس ، قال لها فيصل والكلمات تخرج من فمه بأسى : الحقيقة أن ما أطلعتنا إياه .. وعن رغبتك ... اقصد...أ .. قاطعه أخيه عبد الله قائلا : باسمة لا بأس وجدنا أنه من الأفضل أن نمنحك حبك كاملاً .. يكفي الحرمان الذي عانيتيه بفقدان والديك .. أعلم أن الأمر صعب بالنسبة لدينا .. ولكن لا يوجد أغلى وأعز إنسان إلينا سواك ...أن كنت ٍ تحبينه فأخبرينا عنه .. سوف نتحدث إليه .. وتأكدي أننا لن نقف في وجه سعادتك غاليتي .. تطلع فيصل إليه بذهول ..لم يكن ذاك قرارهما .. ما الذي يحدث .. صعدت باسمه إلى حجرتها سعيدة جداً .. بينما أخذ فيصل في استفهام أخيه عبد الله لما أخلف رأيه ولم يقل ما تواصلا إليه من قرار .. نظر إليه أخيه عبد الله قائلا ً : فيصل أتثق بي ... نظر إليه بتعجب أكبر وهو يقول : ماذا ... هل أنت واثق مما تفعل .. هل تدرك حجم الخطورة والتسرع بفعلك ..أنها أختك الوحيدة ... فكيف تهدها أحزان ينفطر القلب به .. أيعقل أنك أنت من ستؤدي بها إلى بؤس وشقاء ..أنها الوحيدة ...وأختك ..ما الذي تنوي لفعله ..؟؟ وكيف طاوعك قلبك على موافقتها ... وأنت تعلم أنها مرحلة طيش وأنها مازالت صغيرة لمثل هذه الأمور ..؟؟ أجابه بثقة أكبر : فيصل ...أتثق بي يا فيصل ..؟؟ أنت مجنون ...مستحيل فيصل أنظر إليَ ..!! أتثق بي يا فيصل .. لوهلة سكت على امتضاض وهو يجيبه .. : لا أعلم ما الذي تنوي لفعله ولكن لن أسمح لك بتحطيم قلب أختي ..لن اسمح لك أبد أجابه بثقة أكبر : تأكد أنني ما سأفعل هو الصحيح .. والأفضل لنا جميعا ... وتأكد أنني سأقودكما إلى السعادة دائما ولن أسمح للحزن أن يطرق بابنا مرة أخرى .. تطلع إليه فيصل بتعجب غير مقتنع لما تفوه به .. فألزم الصمت حينما رأى أخته باسمه تنزل ومعها ورقة دونت فيه بعض الأمور الشخصية عنه .. فسحب فيصل الذي أشتط غضبا إلى الخارج .. وحينما صعد إلى سيارته أخبره عما سيفعل ..وما الذي ينوي لفعله .. أقتنع فيصل لقوله وأرتاح لتصرفه ....وذهبا فعلا إلى منزله بعدما بحثا عنه وحينما وصلا... رآهما فرحب بهما دخلا إلى منزله .. لم يكن معه أحد ... ولم تكن والدته قد عادت بعد .. مضت ساعتين وخرجا بعدها وهو مبتسماً وهو يلوح لهما مودعاً بصمت مطبق ..عادا إلى منزلهما ... بفرح كبير ولما أقبلت إليهم باسمه أخبرها عبد الله أن الأمور تسير وفق ما تريده ... ولكن بشروط .. تعجبت باسمة من القول فسألتهما عن الشروط أجابها عبد الله : باسمه لقد رضي بك زوجاً ولكن لديه شروط التي لن تنتهي ولعلي أذكر أهمها ..: اشترط أن لا تأكلي غير وجبه الفول كل يوم ثلاثة مرات . .. رغبة منه أن تتعودي في طعامهم الأساسي .. أشترط أن تلبسي يوميا ً جلابية سوداء ... ولا تغيرنها مهما حصل ، وأن تنامي على الأرض .. لمدة شهر أشترط أن لا تستمتعي معنا بمشاهدة التلفاز ولا بالخروج من المنزل .. وذلك حسب تقاليدهم وعرفهم ... وأن تعملي بنظافة وغسل وترتيب المنزل يوميا كما يفعلون هم أشترط أن تطيلي شعرك ولا تقصيه مهما كان .. وأشترط أن لا تتزيني بأي شيء سوى الكحل .. رغبة في عدم حرج مشاعر والدته .. ولا تستعيني بنا في أي شيء واعتبري نفسك في بيت زوجك ... ولتعلمي أن كل هذا ستطبقينه هنا بالمنزل لمدة شهر كاملاً قبل أن يأتي طالبا يداك ... نظرت بتعجب هل أنتم واثقين مما قال .. أقصد ...اعني أنه أشترط كل هذا ..... نعم ومن ها للحظة سوف تطبقين ما أمرك به ... ألست تحبينه بجنون ... هيا أليك ما طلب .. فقومي به حالاً ..نظرت بنوع من الدهشة وهي تتمتم : نعم صحيح .......من أجل الحب سأفعل .. وانسحبت بهدوء .. مضى اليوم الأول وهي بحالة مزرية جداً ... واليوم التالي والثالث .. وبعد أسبوع رغبت في تغير ملابسها ... أحست برغبة في مشاهدة التلفاز ... أردت أن تأكل البطاطس المقلية ... شعرت بالحرمان والقسوة .... مضت صامته ... وهي تشعر أن هناك أمور كثيرة فقد فقدتها .. لم يكن هناك طعم للحياة ... تشعر بالقيد .. وقسوة الحال .. صبرت الأسبوع الثاني ... كادت أن تنهار من شدة صعوبة الحال ... وفي الأسبوع الثالث .. وجدت أخاها عبد الله يشاطر فيصل لعبة الشطرنج .. ذهبت إليهما قائلة في أسى : أنا لم أعد أريده ... ولا أريد حبه .. تطلعا إليها بتعجب ماذا ... لا كيف ... لقد وعدنا الرجل .. وسوف يتقدم لخطبتك الأسبوع القادم .. كيف هذا ... ارجوكما لا ...لم اعد أريده ... ولا أريد حبه .. مستحيل ...كيف ...ألم تقولي أنك سوف تحبينه حتى لو كلفك عمرك .. الأمر تم .. أم أنك تعتقدين أن الأمر مجرد لعبة حب ..؟؟ لا ... أرجوكما ... لم أعد أريده .......لقد كرهته ....عيشته صعبة .. ولن أستطيع التحمل أكثر .. أرجوكما .. باسمة ... هذا ما أخترتيه أنت ولم نجبرك عليه ... ألم يكن حبك له من سعادتك ... وسعادتك تهمنا كثيرا .. وأنتي أختنا الصغيرة و لا نستطيع رفض طلب لك .. أختكما الصغيرة .. نعم صحيح ... ولكنني لم أكن أعلم أن الحياة ستكون بهذا الشكل ... أرجوكما ... لقد سأمت من العيشة هذه .. لم أعد أريده .. كيف مستحيل وماذا نقول له ... لابد أن نلتزم بعهدنا له ...ألم تكوني تحبينه وتريدينه مهما عارضناك أو وقفنا ضدك ... نحن أخواك . .. ونتمنى سعادتك دائما ... وهذا رغبتك ..هيا أستعدي فما بقي غير أسبوع واحد وسوف يأتي إليك .. انسحبت بهدوء بعد أن انحدرت دموعها في مقلتيها بحرقة ....... مضت ثلاث ليال وهي تبكي بحرقة .. وتندم على حبها له .......وكيف أنها لم تفكر يوما كيف ستتفق معه... حالة هذيان تقمص بها رعبا ... سوف أذهب إلى منزله ...... كيف سيكون حالي .. لما أعيش بفقر وقسوة ... إلا يكفيني فراق أبي وأمي ... ما هذه التعاسة ... لا استطيع ..لا استطيع وفي اليوم المحدد مضى كله في خوف وترقب منها ...تستفز خوفا من طرق الباب ورنين جرس الهاتف ... وما أوشك النهار بوداعه ليدخل الليل حتى انهارت بشدة وصرخت بهما أرجوكما ... كفاني عذاب ... لم أعد أتحمل تواجده .......لم أعد أريده مطلقا ..أنتما أخواي .. كيف رضيتما بالحالي عندها انسحب فيصل قائلا : أختي تحملي الحياة صعبة بكل الأحوال والحب يتوجب له بتضحية كبيرة بكت وهي تردد : تضحية ... لست أنا .. لست أنا من سأضحي بحياتي له ... حينها دق باب .. ودلفت إلى الداخل .. وذهبا ليرحبا به وهما بقمة السعادة والفرح الذي بدأ عليهما ... انسحبت إلى المطبخ وهي تسقط كأس زجاجي في الأرض ليتكسر شظاياه بجانب قدامها ... فدلف إليها أخيها عبد الله مسرعاً قائلا لها : أسرعي يريد أن يراك الآن ........هيا ... تعالي ؟؟ أخذت تبكي بحرقة وهي تلعن حظها ولحظة قولها لهما ... ندمت بشدة ولكن بعد ما حصل ما حصل ... لا مجال للتراجع ....... فجأة أتى أخيها فيصل قائلاً : الم تعدي القهوة ... أسرعي نريد أن نفرح بك ... غاليتي ..!! ملأت عيناها بألم وهي تستفهم ألم يرو أخواي دمعتي .. ألم يرو حزني ..ألم يكفي رفضي ...أستحق ما حصل ........ ليتهم رفضوا ......ليت أحدهم ضربني قبل أن يحصل هذا لي ..لماذا ...لماذا ..؟؟؟ بعدها دلفت إلى حجرة الجلوس وهي تشهق بقوة القهر الذي سكن فؤدها ... تقدمت ببطء نحو أقرب طاولة وضعت القهوة وانسحبت بهدوء ... ألم تسلمي علي حبيبتي ........!! توقفت برهة من الوقت ...لم يكن سؤاله غريباً ..وصوته ... ألم تتعرف عليه بعد ... لقد كان عمها .....أنه صوت عمها ... الذي كان يدلعها في صغرها كثير ...... ويموت بنسمة هواها ..... لقد أتى ...نعم أتي اليوم لمراسيم خطبتها ...... تطلعت إليه وهي تبكي بحرقة ...فضمها بحضنه قائلاً .........: هل ما اخبروني به أخوانك صحيح ..؟؟ طأطأت رأسها بألم وهي تدفن وجهها في صدره ولسان حالها يردد ...: نعم ....صحيح ......ولكن أنا لا أريد .... لا أريد ...... أنحى لها ووضع يداه أسفل وجهها فرفعها نحوه وجه قائلا ً : وهل أذنت أنا لك .... فأنا لم أوفق على زواجك بعد ......... بكت بصدمة فرح وحزن ..... وأردف لها : نعم حبيبتي ..... باسمة أنتي أغلى ما لدي .. فأنت من رائحة أخي الغالي .. صديق طفولتي وشقيقي الوحيد .. لن ادعك ..... لن أدعك تتزوجين إلا لمن سأختاره لك حبيبتي ..... طأطأت رأسها بأسف بالغ وهي تردد له : وأنا لن أخالفك يا عمي أبداً ....فأنت أبي الثاني ...!



" .......... تمت ..........."

5 التعليقات:

سمر - الرياض يقول...

الله القصة مرة حلوة صراحة
انتظر المزيد من روائع قصصك الشيقة

امل خالد يقول...

مرة القصة عجبتني وحبيتها

ليت الروع تستمر دوم

ودمتم ،،

امل خالد يقول...

مرة القصة عجبتني وحبيتها

ليت الروعة تستمر دوم

غير معرف يقول...

بهاء حرفك قد طغى
وزادني بهاء على بهاء
بارك الله حرفكِ
فأنت مناره للأحلاق والجمال
..
دمتِ بخير


سناء البحيري

غير معرف يقول...

:)

جميـل جداً

أعجبني أسلوبك بحــق .. !

غيـــدآء