قصص قصيرة

أعَطنَي حَريتَي..((ولكَن))..لاَتطلق يَديّه!

موت الحلم

on الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009








كانت تسترق السمع إليهما بصمت ... ودموع عينها تسابقها في المشاركة الودية لحديثهما الخافي .... لم تعلم من منهما كانَ وَقْع كلامِه عليها أقوى ..... هوَ أم هيَ .... ولكنها أقرت شهقتها في رد قرارهما المفاجئ والصارم لها ... كتمت صرخة كادت أن تفلت من بين ضلعيها رفضا .... حينما ردد بكل حزم : الزواج هوَ الحل؛ ولن ندعها تحلم كالمراهقات الصغيرات .. قصص الأميرة النائمة .... أو قصة سندريلا ...... يجب أن تدرك أن كل هذه القصص لا تمت للواقع بصلة.أتعرف عزيزي ...... ؛ لا أعلم إن كنتُ غبية أم لا ...... ولكن إلا ترى الجدار الفاصل .... ؛ لا أعلم لِمَ كلما أراهُ أضحك..
) أشتط غضبا لقولها وأجابها في حدة لا تخلو من أنفاسه الغاضبة )
أنا أحدثكِ عنها وأنت تتحدثين عن الجدار .... ؛ فكري معي وانسي ذلكَ الجدار اللعين .
أردفت قائلة غير مبالية لثورة الغضب التي أعلت سطح عيناه :
يمكن بسهولة إزالته ... ، الجسور تفصل البلدان لتوضح لكل منا حدوده ؛ و شقيقتكِ يجب أن تتزوج لمن اخترناه لها لنزيل الحدود الوهمية وبصمة الفقر هذه على حياتنا الرتيبة ... دعنا نعيش ونحلم في الحياة القادمة .... حياتنا التي رهن حياتها ... ولكن حينما تتزوج شقيقتك بأبي فيصل ..فقط خلال سنة أما أن ننتقل إلى حياتها محفورة بالثراء ... أو أن تنقل هي حياتنا إلى مستودع أشبه بظلمة الفقر والسود ... لو وافقت شقيقتك ... نوير ... لو رضخت لأمرنا .....وتزوجت به .... وبعد سنة تلد له الابن الوحيد له .... بدلاً عن أبنه الذي توفى .. ... يا لله سوف تبتسم الحياة لنا بطولها وعرضها ... صدقيني لم يعد هنا مجال لأي قضاء وقدر ... لا مجال ... لا مجال أبداً ..تطلعت بعينها نحو الباب المجاور لها ... الباب الذي شهد أخر لحظات والدتها قبل رحيلها ... تقدمت ببطء نحو مقبض الباب ... تلمست بأناملها ... في رجفة ولوعة ... أدارته لتجد أن الصمت قد سكن حجرتها .. في ألم ... وأن الظلمة قد حاطت أشرعها على جدرانه الواهنة ... وأن كان هناك بصيص من الضوء الخافت الذي يسطع من نافذة حجرتها نحو ضريحها الخاوي ... تقدمت بضع خطوات نحو معالم سجادتها وسبحتها الكبيرة .. والتي كانت بجوار مصحفها الكبير ذات الخطوط العريضة ... تأملت موضع بساطها الهزيل ... دفنت وجهها الذي غسلتها دموعها الحارقة .....تلمست لأبعد أطراف سجادتها الوثيرة ... شدته بقوة نحو وجهها الرقيق لتدفن نصفه بشفتيها ... تعض فيه ويلات الظلم الذي سيزفها طيلة حياتها القادمة .... بكت بعمق .. كما لم تبكِ من قبل ...أدركت ان حياتها قد حانت ساعة الحلم الجميل منه ... للرحيل ... أدركت أن حياتنا على هامش المغريات سيقام قصره الكبير ... وتتلألأ أحلامها على قبور غطت أغبرته مئات السنين .... وستطرب لنحيب أنفاسها على مذاق الشهد اللاذع ... والذي لا زالَ يداعب خيالها الرقص مع فارس أحلامها على ضوء شموع تحتضر ..... وفارس غطى ظهر دماء الشوق لها ..... و قبلة منه على أناملها الناعمة ووعد بأمسية جديدة شاعرية في حياة أخرى .... وعالم ثانِ .....تصورت حياتها ... أنها انتهت إلى هذه الحد .... وهي ترأ أروع أوراقة بأحرف يداعب خيالها يتطاير ويتلاشى بصمت مخيف ... يصارع الموج النائم بالليل ...محلقاً أمام واقعها ... ليرتطم في أخر الأفق صخور الحياة القاسية ... بفقره ...وألمه ...مدت يدها بلا شعور .... تتلامس الاموجود بعالمها .... نظرت إلى يدها المحلقة بالهواء بخيبة أمل ... تأملت أناملها من وسط دموعها ... لتنظر بتركيز فارغ وضياع الإحساس منه ....... فلم يعد هناك حلم .... لتتشبث به .... ولا أمل لتتعلق فيه .... حطمت زجاج الباب الخارجي بقبضةِ يدها القاسية ..... وصرخت بأعلى صوتها ؛ لم تبالِ حينَ اهتزت الجدران ولا حينَ غادرت البيت ...... تتحدى ظلم الحياة ... وقسوة قلب محبيها ....لتقف وحيدة تصارع البرد القارص والعاصفة الترابية التي هبت في تلك الليلة ......وفي أخر أفق محيطها السوداوي .... وببصيص الأمل ...... شعرت بأن روحها المتعبة لامست أحلامها الراحلة ببطء ... فرفعت يديها إلى السماء وأطلقت صيحة فرحة مخنوقة .... ثمَ اختفت مخلفةً وراءها ماضٍ لم يحدث قط وحاضرا لا يماثله ظل مع السراب.
" ............... تمت ........."

0 التعليقات: